3 آذار - تذكار القديس توما اللاهوتي

ولد توما سنة 1224 في قصر روكّا سيكّا في اكوين بإيطاليا.  ابوه الكونت كندلفو، يمتّ بالنسب الى فريدريك الثاني امبراطور المانيا، ووالدته تاودورا، فرنسية تقية.  ولما بلغ الخامسة ارسله ابوه الى مدرسة دير جبل كاسّين، حيث كان الرهبان البنديكتيون له خير مثال.  ومما يروى انه رغم حداثته كان يطرح هذا السؤال:  "ما هو الله؟".

اكمل دروسه في كلية نابولي. وعام 1244، دخل الرهبانية الدومينيكية على الرغم من مقاومة امه الشديدة التي قبضت عليه وحجزته في قصرها مدة سنة، فكان معتصماً بالصبر يزداد ثباتاً وزهداً في دنياه.  أرسله رؤساؤه الى مدينة كولونيا ليتمّ دروسه على يد العلاّمة الدومينيكاني القديس البرتوس الكبير، فانكبّ على الدرس حتى تفوّق على جميع اقرانه. وكان توما، بجسمه الضخم، قليل الكلام، كثير التفكير فيخيّل الى رفقائه انه غليظ العقل، فدعوه الثور الابكم.  فقال لهم استاذهم البرتوس "ان هذا الذي تدعونه ثوراً، سوف تسمع خواره الدنيا". رُقّي الى الدرجة الكهنوتية سنة 1248 وله من العمر خمس وعشرون سنة، فازداد قداسة واتحاداً بالله.

وساء بخطى واسعة في طريق العلم وتولّى منبر التعليم في جامعة باريس، وهو في غضّ الشباب، فبهر تلاميذه بمعارفه وشروحه وخطته الجديدة في التعليم. وآثر فلسفة ارسطو على فلسفة افلاطون.

فطارت شهرته وكانت له المنزلة الرفيعة عند الاحبار الاعظمين، وكان الملك لويس التاسع يسترشده ويأخذ بآرائه.  لكنه، مع كل ما كان عليه من عبقرية علمية، وما له من منزلة رفيعة لدى عظماء الدنيا، ظل ذلك الراهب الوديع المتواضع، يكثر من الصلاة والتأمل وتلاوة الفروض الرهبانية.  وكان يقول:  "انني احرزت بالصلاة من العلم اكثر مما بالدرس".

دعاه البابا غريغوريوس العاشر الى مجمع ليون فلبّى الدعوة على رغم توعّك صحته ومشقة السفر، فاشتد المرض عليه في الطريق فعرّج على دير سيتو لرهبان القديس مبارك، فشعر بدنو اجله وقال:  "ههنا مقام راحتي الابدية".  فلزم الفراش، ورقد بالرب في اليوم السابع من شهر آذار سنة 1274 وله من العمر خمسون سنة.

وقد اجرى الله على يده معجزات عديدة باهرة في حياته وبعد مماته.  اما ما وضعه من التآليف الثمينة بمدة عشرين سنة اغنى بها الكنيسة فيعجز القلم عن وصفها.  وقد قال فيه البابا يوحنا الثاني والعشرون ببراءة تثبيت قداسته في 18 تموز سنة 1323:  "ان كل فصل من كتبه ينم عن آية عجيبة".  وكفى بخلاصته اللاهوتية الشهيرة ان تبقى، مدى الاجيال، دستوراً للمدارس الاكليريكية شرقاً وغرباً.  وقد اعلنه البابا لاون الثالث عشر شفيعاً لجميع المدارس الكاثوليكية.  ودعي المعلم الملائكي وشمس المدارس.  صلاته معنا.  آمين.