هذا هو اليوم الذي صنعه الرب

بروكلس القسطنطيني  

العظة 14 

"هذا هو اليوم الذي صنعَه الربّ، فلنَبتهج ونفرح فيه" 
(مز118/ 24)

 

يا له من فصح جميل! ويا له من حشد رائع! كم يحمل هذا اليوم من الأسرار القديمة والجديدة! في أسبوع العيد هذا، أو بالحريّ في أسبوع البهجة هذا، يفرح الناس في أصقاع الأرض كلّها، وحتّى القوّات السماويّة تنضمّ إلينا لنحتفل بفرح بقيامة الربّ. وتفرح الملائكة ورؤساء الملائكة الذين ينتظرون عودة ملك السموات، ربّنا يسوع المسيح، منتصرًا من الأرض؛ وتفرح أجواق القدّيسين الذين ينتظرون ذلك الذي "من الفجر وُلِد" (مز110/ 3)، إنّه المسيح. كما تفرح الأرض لأنّ دم الربّ قد غسلها؛ ويفرح البحر لأن قدَمَيّ المسيح قد وطئتاه. فليفرح كلّ إنسان وُلِد مجدّدًا من الماء والروح القدس؛ حتّى آدم، وهو الإنسان الأوّل، فعليه أن يفرح لأنّه خُلِّص من اللعنة القديمة...

لم تؤسّس لنا قيامة المسيح يوم العيد هذا فحسب، بل أعطتنا الخلاص بدل الآلام، والحياة الأبديّة بدل الموت، والشفاء بدل الجراحات، والقيامة بدل الإنحطاط. في الماضي، كان الفصح يتمّ في أرض مصر بحسب طقوس الشريعة؛ لم يكن ذبح الخروف سوى علامة. أمّا اليوم، فنحن نحتفل به بحسب الإنجيل، فصحًا روحيًّا يتجلّى في يوم القيامة. في ذلك الفصح، كانوا يضحّون بحمل من القطيع؛ أمّا في فصحنا، فها هو المسيح نفسه يقدّم ذاته كحمل الله. في ذلك الفصح، كانوا يأخذون حملاً من الإسطبل؛ أمّا في فصحنا، فإنّ الراعي هو الذي يبذل نفسه في سبيل خرافه (يو10/ 11)... في ذلك الفصح، اجتاز العبرانيّيون البحر الأحمر منشدين ترنيمة مجد لمخلّصهم: "أنشد للربّ فإنّه تعظّم تعظيمًا" (خر15/ 1). أمّا في فصحنا، فإنّ الذين استحقّوا نعمة العماد هم مَن ينشدون ترنيمة المجد: "قدّوس واحد، إله واحد، يسوع المسيح الذي تمجّد من الله الآب، آمين". صرخ النبيّ: "الربّ مَلَكَ والجلال لَبِسَ" (مز93/ 1). لقد اجتاز العبرانيّيون البحر الأحمر وأكلوا المنّ في البريّة. أمّا اليوم، حين نخرج من ماء العماد، فإنّنا نأكل الخبز الحيّ الذي نزل من السماء (يو6/ 51).