صليبُ المسيح دواء وقدوة

القديس توما الإكويني

قراءة من مار توما الإكويني

 ما الضّرورة إلى أن يتألم المسيح كلمةُ الله من أجلنا؟ إنّها لضرورة كبرى! أولاًّ ليُعطينا دواءً ضدَّ الخطيئة، وثانياً ليُقدّم لنا قُدوةً في كلّ ما علينا أن نعمله. أمّا الدواء، فلأننا نجد في آلام المسيح بلسماً لجميع الأوجاع التي سببتها الخطيّئة. والقُدوة، لأنّ آلام المسيح كافية لتطبع حياتنا كلّها: مَن يريد أن يسير سيرةً كاملة، يكفيه أن يحتقر ما احتقره المسيح، ويرغب في ما رغبه المسيح. كلّ قدوةٍ تأتينا منَ الصليب:

أتريدُ قدوةً في المحبّة؟ ليس حبٌّ اعظم من هذا وهو أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه. هذا ما فعله المسيح على الصليب، أعطانا حياته، لئلا نستصعب أوجاعنا من أجله!

أتريدُ قدوةً في الصبر؟ إنّكَ لواجدٌ مثالهُ الأكمل في الصليب. صَبَرَ المسيح على الآلام، لنصبرَ نحنُ على الامتحان المعدّ لنا، شاخصين إلى رأس إيماننا يُبلِّغنا الكمال.

أتُريدُ قدوة في التواضع؟ أنظر إلى المسيح مصلوباً، راضياً بأن يَحكُمَ عليهِ مثلُ بيلاطس!

أتريدُ قدوةً في الطاعة؟ إتّبع مَن صارَ مُطيعاً للآب حتّى الموت: فكما أنّه بمعصيةِ إنسانٍ واحدٍ دخلتِ الخطيئةً إلعالم، كذلكَ بطاعةِ واحدٍ تبرّرَ العالم!

أتُريدُ قدوةً في احتقار مجدِ الأرض؟ إتّبع مَن هو مَلكُ المُلوك وربّ الأرباب وكنزُ الحكمةَ، وهوَ على الصليب عُريان مُهان، يُتفَلُ في وجهِهِ، يُلطَمُ، يُكلّلُ بالشوك، ويُسقى خلاًّ ومُرّاً ثمَّ يموت!

فلا تهتمّ باللباس الثمين، لأنّ يسوع اقتُرعَ على لباسه، ولا بالمجدِ الفارغ، لأنّه صارَ ألعوبةً بينَ أيدي المُعَذِّبين؛ ولا بالمناصب، لأنّهُ تُوِّجَ بإكليل من شوك، ولا بالملذّات، لأنّه سُقيَ في عطشه خلاً ومُرّاً.

(في قانون أيمان الرسل 6، 6)