السُــلَّم

تعود مظاهر رمزيّة السُلَّم إلى مسألة العلاقات المتبادلة بين السماء والأرض.
فالسُلَّم هو رمز الصعود المتدرِّج والترقّي الروحي والتواصل، ويرتبط برمزيّة البعد العامودي النوعي (لا برمزيّة البعد الأفقي الكمِّي).

فالعبور من الأرض إلى السماء يكون، إذاً، بتعاقب الحالات الروحيّة بعناية فائقة، درجة درجة، رمز إليها في العهد القديم، سُلَّمُ يعقوب "المنتصب على الأرض ورأسه يلامس السماء، وإذا ملائكة الله صاعدون نازلون عليه" (تك 28 : 12).

وهناك أيضاً ذكر للتدرُّج في الطوابق الثلاثة لسفينة نوح: "واجعل باب السفينة في جانبها وتصنعُها طوابق: سفليّاً وثانياً وثالثاً" (تك 6 : 16)، ولعرش الملك سليمان: "ستُّ درجات..." (1 مل 6 : 19)، ويتألُّف سُلَّم هيكل حزقيَّال من سبع درجات (حز 40 : 26).

ومن البديهي القول إنّ رمزيّة السلَّم أمينة للتقليد الأفلاطوني الذي يصف صعود النفس، درجة درجة، ابتداء من عالم المحسوس إلى عالم العقل.

ولم تكن درجات السُلَّم الرمزيّة، الذي يصل السماء بالأرض، غريبة عن كتابات آباء الكنيسة وعن كتابات الصوفيّين في القرون الوسطى. فالنفس تُحقِّق ارتقاءها الشخصي بدرجات متتالية. فها هو أوريجانس (+253) يصف المراحل السبع التي ينبغي على النفس اجتيازها من أجل الاحتفال بعرس الكلمة الإلهي.

وها يعقوب السروجي (+521) يشير إلى أنَّ الصليب ما هو سوى سُلَّم يصل بين الأرضي والسماوي. والسُلَّم هو أيضاً من صفات مريم العذراء، فنقول في طلبتها: "يا سُلَّماً إليها يعقوب يهدينا".

وفي القرآن ذكر لخبرة عاشها نبيّ الإسلام بعدما فرغ ممّا كان في بيت المقدس؛ أتى بالمعراج، أي السُلَّم، وأصعده جبريل فيه حتى انتهى إلى باب من أبواب السماء، ثمّ تلقَّفته الملائكة.