"حياتنا في المسيح، حياتنا لأجل المسيح" (أفسس 1 /1-23) - المونسيور يوسف سويف

رياضة روحية - عيلة مار شربل – دير سيّدة النور فيطرون
5-6 تشرين الأول 2002
المونسيور يوسف سويف (حالياً سيادة المطران يوسف سويف)

الموضوع: "حياتنا في المسيح، حياتنا لأجل المسيح" (أفسس 1 /1-23)

1) قراءة النص (نشيد ليتورجي)
1- "تبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح"
ظهور للثالوث الأقدس: آب – ابن – روح قدس، بالمسيح عرفنا الآب ونلنا عطيّة الروح.

2- "باركنا في المسيح كلّ بركة روحيّة في السماوات":
- الله هو منبع كلّ بركة.
- الله يبارك البشرّية، يُشرق شمسه على الأخيار والأشرار.
- "أبوكم السماوي يقوتها".
- الإنسان يبارك الله على عطاياه وخيراته على خيراته ومواهبه، على محبّته وسرّ تدبيره الكبير.
- الإنسان يبارك إي يشكر.
- بالمسيح نشكر الاب.

3- "فاختارنا فيه قبل إنشاء العالم لنكون عنده قدّيسين بلا لوم في المحبّة":
- الآب اختارنا بالمسيح / الجنس البشري بابن الإنسان.
- الاختيار المجاني والمحبّ.
- اختيار "من قبل إنشاء العالم".
- اختيار لنكون "قدّيسين" أي جماعة مقدّسة.
- اختيار حتى نكون "كنيسة".
- قبل الخلق الكنيسة مصوّرة في فكر الآب، وفي تصميمه الإلهي وظهرت في سرّ التدبير (عمل الابن في الزمن).
- دعوة من أجل القداسة في المحبّة.
- في المسيح يتحقق مشروع الكنيسة.
- المسيح هو القدوس.
- المسيح هو المحبة التي تجلّت بالصليب.

4- "وقضى بسابق تدبير ان يتبنّانا بيسوع المسيح على ما ارتضى وشاء لحمد نعمته المجيدة التي انعم بها علينا في ابنه الحبيب".
- الآب تبنّانا بابنه.
- بالإبن أصبحنا أبناء.
- بالحبيب أصبحنا أحبّاء، أصدقاء وأخلاّء.
- من أجل حمد نعمته.

5- "فكان لنا فيه الفداء بدمه، أي غفران الخطايا، على مقدار غنى نعمته التي أفاضها علينا بكلّ ما فيها من حكمة وفهم":
- في المسيح تحقّق الفداء.
- دفع المسيح الثمن.
- الفداء أي غفران الخطايا والحياة الأبديّة.
- الفداء أي الحريّة الحقيقية.
- فداء المسيح غنيّ ولا يُحَدّ، يطال كل الناس.

6- "فكشف لنا سرّ مشيئته التي ارتضى في نفسه أن يحقّقها، أي التدبير الذي يتمّمه عندما تكتمل الأزمنة":
- بيسوع رأينا الله وعرفنا ارادته.
- بيسوع يتحقّق مشروع الآب وارادته.
- بيسوع يتمّ التدبير (Economia) .
- يسوع حقّق وسيكمل هذا التدبير.
- يسوع يأتِ ونحن ننتظر مجيئه حتى الاكتمال.

7- "فيجمع في المسيح كلّ شيء في السماوات وفي الأرض":
- كلّ شيء يلتقي بالمسيح.
- المسيح يجمع ويحقق في شخصه كلّ شيء: التاريخ، الزمن الماضي، الحاضر، المستقبل، عمل الله الآب، إرادته، الإنسان الذي زلّ وقام، تاريخ البشريّة الذي أصبح مرتبطاً فيه، معنى الحياة التي لا معنى لها بدونه، كلّ شيء في السماوات وفي الأرض.
- في المسيح تتحقق الوحدة: أرض، سماء، مجتمع، كنيسة، أرض جديدة وسماء جديدة.

8- "وفيه قضى الله بسابق تدبيره، وهو الذي يفعل كلّ شيء على ما ترضى مشيئته أن يختارنا لنسبّح بمجده، نحن الذين جعلوا رجاءهم من قديم الزمان في المسيح".
- في المسيح اختارنا الآب.
- اختارنا قبل إنشاء العالم واختارنا لنسبّح بمجده.
- نحن المختارون منه وفيه / هو يصبح رجاؤنا.

9- "وفيه أنتم أيضاً حين سمعتم كلام الحق أي بشارة خلاصكم، وآمنتم، ختمتم بالروح القدس الموعود".
- في المسيح وفي بشارته ومن خلالها آمنّا.
- وفيه ختمنا بالروح القدس أي المعموديّة.
- أصبحنا شعبه الجديد.
- وهو عربون ميراثنا إلى أن يفتدي الله خاصته للتسبيح بمجده.
- بالمسيح نصبح ورثة، ورثة الحياة، الخلاص والملكوت.
- إلى أن يكتمل مشروع الفداء بخاصته التي آمنت به.
- في المسيح نصبح ورثة ومالكين.
- في المسيح نرث لنسبّح بمجده.

2) حياتنا في المسيح
- يسوع المسيح هو كلّ شيء.
- يسوع المسيح هو محور حياتنا، محور التاريخ.
- يسوع المسيح يلخّص كلّ مجرى التاريخ وتاريخ حياتي أنا.
- حياتنا في المسيح والمسيح هو حياتنا.
- يسوع هو المسيح ابن الله الحيّ.
- اختبارنا الإيماني يرتكز على شخص حيّ يقيم معنا يسكن في بيتنا، يسير معنا، حيّ في قلوبنا، متنا فيه وفيه حيينا.
- حياتنا هي اعتراف بحضوره الحيّ والمُحيي.
- في المسيح نبارك الله الآب.
- في المسيح نشكر الآب على محبّته اللامتناهية: فيها خَلَقَنا وفيها خَلَّصَنا.
- في المسيح نبارك الله، تصبح حياتنا كلّها فعل شكر، ذبيحة افخارستيا، تقدمة دائمة.
- في المسيح يأخذ كلّ شيء معناه: عبادتنا، إيماننا، صلاتنا، ذهابنا وإيابنا.
- المسيح هو البداية والنهاية.
- المسيح هو الألف والياء.
- المسيح هو المحور، هو مقياس كلّ شيء، كلّ تفكير وكل فعل وردة فعل وكلّ اخلاق، وكلّ عواطف، وكلّ تحرّك.
- المسيح هو المذبح وهو النور، هو الليتورجيا الحيّة، هو الكلام العذب، هو القربان الشهي وهو التقدمة الطاهرة، هو صلاة الصبح وبخّور المساء، هو تضرّع الكنيسة.
- في المسيح عرفنا الله ثالوثاً.
- في المسيح عدنا إلى حضن الآب: هو مصالحتنا وهو عودتنا من الغربة، هو عبورنا من المنفى، هو أرض ميعادنا، هو الوارث والإرث ومعه نحن ورثة.
- في المسيح نلنا بركة الآب: بركةً روحية.
- في وجهه رأينا وجه الآب: أبٌ صالح، رحوم، محبّ.
- في المسيح نبارك الآب على محبّته.
- في المسيح ظهر تجلّي سرّ "التدبير" الكبير.
- المسيح حقّق سرّ التدبير: فيه تم الخلق الأوّل وبهِ تجدّدت الخليقة بالموت والقيامة.
- في المسيح اختارنا الآب.
- في المسيح نكون قدّيسين وفيه ومعه نحن مدعوون أن نكون جماعة القديسين.
- جماعة قدّيسين هنا تتخطّى طابع القداسة الفرديّة الضيّقة لتكون قداسة الجماعة أي الكنيسة المقدّسة
تتقدّس بالمسيح. تتقدّس بالثالوث وبحضوره الدائم في الأسرار وتنقل اختبار القداسة إلى العالم المدعو إلى التحوّل. أن نكون قدّيسين أي أن نتحوّل نحن أولاً ثم أن نحوّل العالم.
- لا يستخفنّ أحدٌ بقوّة القداسة.
- إذا كنّا في المسيح عندها نستطيع أن نحوّل العالم: أن نحوّل ذواتنا، بيوتنا، رعايانا، أديارنا، ذهنياتنا حتى تصبح "ذهنيات رجاء".
السؤال الذي يُطرح اليوم هو: هل أنا واع لأهمية عيشي القداسة؟ هل الكنيسة تعي بأنّها تحمل طاقات قداسة، أي قدرات تغيير في العالم لا سيّما في عالمنا المعاصر الذي يطرح علينا تساؤلات كبرى لا سيّما حول الإنسان الذي يسعى أن يجرّده من كلّ جذور الهيّة وأبعاد خلاصيّة وغايات سماويّة.
- يميل المنطق اليوم إلى نزع الحلّة عن الإنسان ويجعل رأسه في الأرض وفقط في الأرض: ينحني لها، همّه فيها، منطقه مستوحي منها. مقايسه ومعايره مستلهمة من أسيادها وملوكها وحكّامها.
- محاولات عديدة توهم أنّها تجمع البشر من كلّ ثقافة ولون (تعولم الإنسان) الاّ أننا نشعر بأن الخلفية هي السيطرة، فيزداد المظلومون ظلماً والظالمين هيمنةً.
- ففي المسيح فقط وفيه وحده تتحقق العدالة وتتجسّد المحبة.
- هو الذي اختارنا لنكون قدّيسين بلا لوم في المحبّة.

- في المسيح يتحقق مشروع الكنيسة:
- انّها كنيسة المسيح.
- وسعها وسع المسيح. آفاقها آفاق صليبه، شموليتها بمقياس ذراعيه التي ضمّتا إلى قلبه البشر أجمعين.
- لا أحد يضيّق الكنيسة بقدر محدوديته.
- لا أحد يفصّلها على مقياسه.
- علينا أن ننمو ونرتقي إلى مقامها، مع العلم انّها "خادمة" مثله وهي توزّع الطعام في حينه وهي مدعوة أن تنحني إلى أقدام أبنائها، لكن علينا أن ندخل في سرّها وللجميع مكان في ساحتها. لكلّ واحد دور ومهمة ورسالة. انّها بيت الجميع ولا سيّما الفقراء والمجروحين.
- في المسيح ننخرط بسرّ الكنيسة الشاملة، الجامعة المقدّسة والرسوليّة.
- في المسيح أصبحنا أبناء وهو الابن الحبيب.
- هذا هو ابنيَ الحبيب.
- لقاؤنا بالمسيح هو لقاءٌ بالحبيب.
اذاً لم تصل المسيحية إلى هذا الحدّ من العلاقة بالمسيح تكون بعد خارج "الحلبة".
المسيح هو الحبيب: هو من أحبّه الآب ومن خلاله أحبّني وأنا أحبّه ومن خلاله أحبّ الآب الذي أرسله وهذا الحب هو الروح القدس.
- يسوع هو الحبيب ليس فقط في إطار روحانية التكرّس والمكرّسين والزهّاد والرهبان والنسّاك والصوفييّن والمتوحّدين والكرمل...
- يسوع هو الحبيب لكلّ معمّد، لأنه لما ظهر حبيب الآب على الأردن، كذلك يظهر حبيب محبّيه، خاصته انطلاقاً من مياه العماد: فالزوجان يثبتان في الحبّ الحقيقي إذا كان يسوع هوَ لهما الحبيب. والكاهن يخدم بتفانٍ اذاً كان المسيح حبيبه، والراهبة تزداد رونقاً وبهاءً إذا ارتاح قلبها في المسيح العريس حبيبها. وهكذا كلّ كبير وصغير، كلّ رجل وامرأة، كلّ معمّد يثبت بالكرمة إذا جعل منها مصدر نموّه وحياته وفرحه.
- علينا الاّ تكون علاقتنا فيه على مستوى الحسابات البشرية.
- معه وفيه نعيش أجمل اللحظات: فما أجمل أن تكون هذه لحظات الحياة بأكملها!
- في المسيح نصبح أحباء لبعضنا البعض.
- في المسيح نصبح أصدقاء بدون مطامع دنيويّة.
- في المسيح تدوم الصداقة بين الناس وتقّوى عُراها وتصبح بعض الأحيان أقوى من روابط الدم.
- في المسيح يبذل الصديق لأجل صديقه الحياة والوقت والمال والذات والسمع والحضور والتفهّم والقبول والمحبّة.
- في المسيح يصبر الصديق على صديقه ويقبله ولو في غلاظته.
- في المسيح يُفتح القلب ليشع كلّ شيء وكلّ إنسان ويكون ويكون أوقيانوس وجبل صنين وصحراء سيناء: قلب كبير، عقل واسع، محبة لا متناهية تغفر وتصفح وتصبر وتتخطّى وتسامح وتجدّد العهود وتبني الإنسان.
- في المسيح تتحقق الوحدة ثمرة الفداء.
- الوحدة هي العلامة الحسّية لاختبارنا الحياتي في المسيح.
- الوحدة هي ثمرة الفداء: المسيح بذل دمه الطاهر من أجل أن تتحقّق الوحدة.
- الوحدة هي من أهم صفات الخلاص وعلامة تجسيده في الحياة اليومية.
- ما هو في المسيح، هو متوحّد، واحد وصادق ومتناغم مع ذاته.
- من هو في المسيح، هو منسجم مع فكره وتعليم كنيسته.
- من هو في المسيح، هو واحد مع أهل بيته وعائلته ومجتمعه المماثل والمتمايز.
- المسيح وحّد، جمع الكلّ فيه.
- فلا يمكن لأيّ شخص أو نظام أو نهج أو دين أن يصنع ما صنعه يسوع، جمع الكلّ فيه: أصبحنا واحداً.
- الوحدة هي مشروع حياتنا: وحدة في الكنيسة (صلاة يسوع الكهنوتيّة) شوقه قبل الرحيل، وحدة بين الناس وفي المجتمع المدني، وحدة في الكنائس والرعايا والأدبار، وحدة في الوطن، وحدة في المحبة، وحدة على أسس التنوّع الغني والمُغني، وحدة تولّد الرجاء.
- المسيح هو رجاؤنا. من هو في المسيح يتمتّع بذهنية الرجاء لأنّ المسيح كان ولم يزل رجاء البشريّة الحزينة والبائسة ورجاء كلّ مجروح ومتألم. لا يمكن أن يملأ قلب الحزين شيء الاّ المسيح.
- رجاء وتجدّد في هذه الحياة وفي الباقية.
- في المسيح نلنا الروح الذي خَتَمَنا وجعلنا شعب العهد الجديد.
- نحن آمنّا فيه مخلّصاً وفادياً.
- اشتركنا في خلاصه بالمعمودية: ختم الروح.
- ختم لا يُمّحى، ختم أبدي.
- ختم جعلنا نملك معه ونرث معه ونصبح من خاصته.
- ختم جعلنا نسبّح بمجده.
- في المسيح نرفع الشكر للآب بالروح القدس من أجل المساهمة في بناء ملكوته والشهادة لإنجيله، بشارة الحياة من أجل التزام شخصيّ وواعٍ بهدف أن يكون كلّ شيء لأجله.

3) حياتنا لأجل المسيح:
- في هذه الديناميّة تصبح حياتنا كلّها لأجل المسيح.
- يصبح هو الهدف الأوّل والأخير.
- نجاحنا لأجله، فشلنا لأجله.
- أعمالنا لأجله، كنيستنا لأجله.
- مرضنا، عافيتنا.
- مواهبنا، شخصيتنا.
- عيالنا، تكرّسنا.
- التزاماتنا كلّها.
- موتنا وحياتنا لأجله.
حتى نكون فيه ومن خلاله مع الآب بالروح القدس آمين.