الحيّـة

 قد تكون الحيّة الحيوان الذي يحمل معان رمزيّة أكثر من سواه. رمزيّتها عديدة، وهي مرتبطة أساساً بفكرة الحياة (الحيّة – الحياة – الحيّ الذي يعطي الحياة). هي رمز للقوّة في مختلف مظاهرها: في زحفها، وتشابهها مع الشجرة وجذورها، وأغصانها، وصفيرها، وتموُّجها... وفي وجودها في الغابات، والصحاري، والبحار، والبحيرات.

يؤتى على ذكرها في الحضارات القديمة من مصر (كتاب الأموات) إلى الشرق القديم، وإلى الهند، حيث ترتبط بالمياه إذ تحمي عيون مياه الشرب، والخلود، وفي بلاد ما بين النهرين، حيث يُرمز إلى الآلهة الكبرى بحيّة بحريّة، والبرازيل (حضارة الغْواراني)...

وهي في باطن الأرض حيث منبع الحياة والتجدّد؛ فتصبح الحيّة في الوقت نفسه في الميتولوجيّات اليونانيّة والمصريّة والفينيقيّة الطبيبَ والعرَّاف. هي التي تلتفّ حول عصا إسكولاب، الإله الشافي، شعار الأطبّاء، الذي هو نفسه الإله الفينيقيّ إشمون، الطبيب والشافي، إله صيدا. وفي معرض الصراع بين زفس رئيس الآلهة والوحش تيفون بن هيرا أو غايا، الآلهة الأرض، يتحوّل هذا الأخير من حيّة ليصبح وحشاً له مئة رأس، تحيط به الأفاعي، وله أجنحة. ولأنّ زفس وَلدَ أثينا من رأسه، بدون إسهام زوجته، قرّرت هذه الأخيرة أن تضع بدورها مولوداً، بدون إسهام زوجها زفس، ينافس أثينا. من الغيرة والثأر وُلدَ، إذاً، الوحش تيفون. وهكذا وُضِعت الحكمة-أثينا بمواجهة قوى العنف. وبمعنى آخر، الآلهة-الأرض، بلفظها الحمم البركانيّة الحارقة مثل الأفاعي الغاضبة، تنافس إله السماء المتميِّز بالصاعقة والبرق.

يرمز شكلها المنساب والمتموِّج إلى المعرفة العميقة. وهي القوّة المدمِّرة لشعوب الصحراء. من هنا رمزيّتها: إغواء القوّة بواسطة المادّة كما في قصّة آدم وحوّاء. وحوّاء هذه هي آلهة فينيقيّة قديمة، من العالم الذي في باطن الأرض، وهي شبيهة بآلهات عديدة في حوض البحر المتوسِّط، تحمل بيدها حيّة، أو خصلة شَعْر بشكل حيّة، أمثال أرتميس (Artémis)، وهيكات (Hécate)، وبرسفون (Perséphone)، وغورغون (Gorgone)، وإيرينياس (Erinias).

وللحيّة قوّة مغنطيسيّة جاذبة لأنّها تسمِّر طريدتها في مكانها قبل الانقضاض عليها. وهذا أيضاً جانب سلبي في رمزيَّتها.

كتابيّاً، ترمز الحيّة إلى الشيطان (تك 3 : 1 – 15)، وهي أيضاً رمزٌ للشفاء: "وكما رفع موسى الحيَّة في البرّيّة، فكذلك يجب أن يُرفع ابن الإنسان، لتكون به الحياة الأبديّة لكلِّ من يؤمن" (يو 3 : 14 – 15). ذلك أنَّ موسى رفع حيّة من نحاس في البرّيّة، وكان مَن لدغته حيّة ينظر إلى تلك الحيّة فيشفى (عد 21 : 4 – 9). وهكذا من يؤمن بيسوع المسيح يخلص.

وتدلّ الحيّة على أسفل الصليب، الذي يرمز إلى شجرة الحياة، شجرة معرفة الخير والشر في الفردوس، على أنَّ الشرير قد انهزم. وإنَّ سمَّها يقتل وقد يصلح أن يكون دواء (شعار الأطبَّاء).

إيقونوغرافيّاً، المرأة تسحق رأس الحيّة، رأس المجرّب (تك 3 : 13 – 15): "فقال الربّ الإله للمرأة: "ماذا فعلتِ؟". فقالت المرأة: "الحيّة أغوتني فأكلتُ". فقال الربّ الإله للحيّة: "لأنَّكِ صنعتِ هذا، فأنتِ ملعونة من بين جميع البهائم وجميع وحوش الحقل. على بطنك تسلكين وتراباً تأكلين طوال أيّام حياتِك. وأجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، فهو يسحق رأسك وأنتِ تُصيبين عقبه".