"بربّ واحد يسوع المسيح...به كان كل شيء" - آذار 2013 - ريمون ناضر

 نتابع المسيرة التي بدأناها في هذه السنة سنة الإيمان، وهي ليست مسيرة لسنة بل مسيرة حياة.
من ال "نؤمن" أكملنا مع الله "بيّ". تابعنا مع الثالوث، السرّ الكبير، لكنّ الأهم: العلاقة مع الآب والابن بالروح القدس، شيء رائع وأروع ما يعيشه الإنسان.
ووصلنا لنتعرّف إلى يسوع الإنسان نسير فنكتشف ألوهيته وسلطانه. يسوع هو الله.

بربّ واحد يسوع المسيح: ربّ واحد. هذا قرارٌ محسومٌ عندنا. لا أرباب آخرين عند المسيحيّ الحقيقيّ. به كان كل شيء ولا شيء خارجه. نزل من السماء وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء. صار إنسانا. كلّ المسيحيّة قائمة على هذه الحقيقة. الإله المتجسّد .
الله عرّف عن نفسه في الكتاب المقدس "انا هوَ" عندما ظهر لموسى في العلّيقة المشتعلة، وهذا يعني أنّه هوَ الكائن منذ الأزل. هو ثالوث، آب، إبن وروح قدس.
مشروع الخلق موجود في فكر الله قبل الخلق. الصورة عند الله نهائية أمّا عندنا نحن لا نرى إلاّ صورة المسيرة. كلّ واحد منّا في فكر الله قبل إنشاء العالم.

ربّ: كلمة ربّ بدأت مع اليهود، لم يكونوا يجرؤون على لفظ كلمة يهوه "أنا هوَ" ولا كتابتها، فاستبدلوها بكلمة "سيّد" أو "ربّ" أي "أدوناي". وبنفس الوقت سمّوه إلوهيم أي (إيم) الجمع أي متعدّد. ونرى يسوع يتكلّم عن نفسه في الإنجيل ويقول في أماكن عدّة: "أنا هوَ"... إذاً يسوع هوَ الله، هوَ يهوَه، هوَ الذي عرّفَ عَن نفسِه في العلّيقة. هوَ السيّد، الآمر الناهي، فكلّ شيء تحت نظره.
اليوم في عالمنا هناك أسياد وأرباب كثيرين لهم سلطة علينا، فعندما نقول "نؤمن بربّ واحد يسوع المسيح" فهذا يعني أنّنا نخضع لربّ واحد هوَ يسوع المسيح.
من هو سيّد حياتي، مَن هو ربّي؟ هل أؤمن أنه سيّد على الكون بأسره، سيّد التاريخ، سيّد تاريخي الشخصيّ؟ المسيحيّ لا يساوم. نتعرض لتجارب. فالمجرّب يقترح كلّ يوم علينا ربّ آخر غير يسوع، مال، سلطة، شهوة... تجارب كثيرة. لكنّ المسيحيّ لا تطوي ركبتيه إلاّ ليسوع المسيح.
وهذا السيّد هوَ غير أسياد العالم، أسياد العالم تستعبدنا، هو يريد خلاصنا، نظر إلى بؤس العالم الذي قال لا لمشروع الله، نظرَ إلى ضعف البشر وكبريائهم، نظرَ إلى تعبهم وتمخّضهم بالخطيئة نتيجة ال "لا" التي قالوها لله، ونزل من عرشه، حمَلَ كلّ آلام البشر ومات من أجل كلّ واحد منّا. ماتَ من أجلي.
الله الذي هو حبّ، كيانه حبّ، لا يقدر أن يترك الإنسان، فأعطى كلّ ذاته، أغلى ما عنده لهذا الإنسان.
هذا الحمل الحامل خطايا العالم حملَ كلّ هذا ومات عنّا كلّنا: هذا هوَ إلهنا. هذا عمل الثالوث للإنسان.
ومَنْ هوَ هذا الانسان؟ هذا المخلوق الصغير؟ نزل هذا الإله العظيم، بهذا الحبّ الأعظم من أجل هذا المخلوق الصغير: الإنسان. وحبّ هذا الإله العظيم تجلّى بأبهى صورة: الصليب.
من هنا إيماننا يدخلنا بشراكة معه. أنا شريك الربّ بآلامه، أخذ اثامي علقها معه على الصليب،
هل اقف واتفرج؟ أم أدخل في هذا المشروع؟
فتح لنا ابواب السماء، هذا هو الطريق، اقتدوا بي، اتبعوني: يدعونا للخلاص. ما هو جوابي؟ هل احمل صليب يسوع؟ إلهنا ليس إله نظريات. إلهنا متجسّد. إيماني، مسيحيتي، حبّي يتجسد ويأخذ شكل الصليب.

تجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء:
كل ما يعمل الله هو عمل الثالوث. عمل الاب والابن والروح.
البشرية قالت لا: مريم الاستثناء الوحيد قالت "نَعَم". و"نَعَم" مريم أقوى من كلّ ال "لا" التي قالتها البشرية. مريم وُجدَت على الارض معصومة من ال "لا"، من "لا" البشر. قالت نعم فلتبدأ بشريّة جديدة. ولنفهم ان عذرية مريم ليست فقط سبب طهارتها. قداستها هي سبب طهارتها. سمعت واطاعت. طاعتها وطواعيتها وقداستها هي سبب طهارتها.
في بدء الكون كانت الارض خالية خاوية روح الله يرفرف على المياه وسارت البشرية، إلى مريم وهنا أيضاً كانت الارض خاوية بسبب الخطيئة، وكان روح الله يرفرف على مريم فقالت نعم. وها يسوع يبدأ بشريّة جديدة.
فهل من شيء آخر في هذا العالم يستحقّ أن أترك مشروع الله من أجله؟ الله يريد ان يدخل معي بشراكة حقيقية إلهية، حياة أبدية، وريث، إبن: ماذا اقول له؟ هل ارفض؟ أنا اليوم موجوع متألم، لكنّ آلامي مع يسوع تتحول لتصير آلاماً خلاصيّة. هوَ وحدَهُ ينشلني من ضعفي مِن خطيتني، مِن وجعي، هوَ وحده يحوّلني لأصير على صورته. ولَنْ أسجد في حياتي إلاّ لَه. فلأتمسك بهِ، أنجَبِل بكَلمته حتّى الصليب. فهوَ الذي سينشلني منَ الموت.
لا نخاف من الصليب. الحياة كلها صليب فلنُعطي معنىً لصليبنا، لنصعد مع يسوع.