"بولس ونعمة التحوّل" - المونسينيور يوسف سويف

المونسينيور يوسف سويف

 بولس ونعمة التحوّل
عيلة مار شربل - عنايا  - الجمعة 25 كانون الثاني 2002
لقاء مع المونسينيور يوسف سويف 
(ملاحظة هذا التعليم منقول عن التسجيل الصوتي، لهذا هو اقرب الى اللغة العامية).
الله معكم،
نصلي اليوم بعمق من اجل وحدة المسيحيين التي يسوع صلّى من أجلها. نرفع للربّ الصلاة العميقة لتحقيق الوحدة ابتداءً من وحدة الإنسان مع ذاته وصولاً للوحدة مع الكنائس بحسب إرادة الربّ.
نصلّي من أجل وطننا ومن أجل العالم لكي يعطيه الربّ السلام. اليوم منطق اللاسلام يعود ويسيطر، نصلّي كي يستيقظ ضمير الإنسان ويتحقق السلام ويعاش بقلب المجتمعات والكنائس والأوطان والعالم.
 
موضوعنا الليلة ارتداد بولس وهو تحت عنوان:
"بولس ونعمة التحوّل".
بأعمال الرسل الفصلين 8 و9، بشكل أساسي، يَرسم هذا الإختبار بإطار واسع وشامل، الذي هو اختبار الكنيسة التي تواجه الاضطهاد ولكن بقلبه تتم نعمة التحوّل.
قراءة النص: "وكان شاوُل موافقاً على قتل استفانوس. وبدأت كنيسة أورشليم تعاني اضطهاداً شديداً. فتشتّتَ المؤمنون كلّهم، ما عدا الرسل، في نواحي اليهوديّة والسامرة. ودَفَنَ بعض الأتقياء استفانوس وأقاموا له مناحة عظيمة. وكان شاول يسعى إلى خراب الكنيسة. فيذهب من بيت إلى بيت ويخرج منه الرجال والنساء ويلقيهم في السجن". (الفصل 8 ، 1-3). ويتابع الفصل 8 عن التبشير في منطقة السامرة، وينتقل ليخبرنا عن تبشير فيليبّس لوزير ملكة الحبشة...
محطات بالفصل 8 ابتدأت تتكلم عن قتل استفانوس وعن مساهمة بولس بهذا العمل، وعادت رسمت اختبار الكنيسة التي تنتشر وتنقل البشارة بقلب الاضطهاد. وننتقل إلى الفصل 9:
"أمّا شاوُل، فكان ينفثُ صدره تهديداً وتقتيلاً لتلاميذ الربّ. فذهب إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى مجمع دمشق، ليعتقل الرجال والنساء الذين يجدهم هناك على مذهب الربّ ويجيء بهم إلى أورشليم.
وبينما هو يقترب من دمشقَ، سطع حوله بعتةً نورٌ من السماء، فوقعَ إلى الأرض، وسمِعَ صوتاً يقول له: "شاوُل، شاوُل، لماذا تضطهدني؟" فقال شاوُل: "مَن أنتَ، يا ربًّ؟" فأجابهُ الصوتُ: "أنا يسوعُ الذي أنتَ تضطهدُهُ. صعبٌ عليكَ أن تقاومني". فقال وهوَ مرتعبٌ خائف: "يا ربُّ، ماذا تريد أن اعمل؟" فقال له الربُّ: "قم وادخل المدينة، وهناك يُقال لكَ ما يجب أن تعمَل". وأمّا رفاق شاوُل فوقفوا حائرين يسمعون الصوتَ ولا يشاهدون أحداً. فنهضَ شاوُل عن الأرض وفتح عينيه وهوَ لا يبصرُ شيئاً. فقادوه بيده إلى دمشق. فبقيَ ثلاثة أيامٍ مكفوف البصر لا يأكل ولا يشربُ.
وكان في دمشق تلميذٌ اسمهُ حنانيا. فناداه الربّ في الرؤيا: "يا حنانيا‍!" أجابه: "نعم، يا ربّ!" فقال له الربّ: "قم اذهب إلى الشارع المعروف بالمستقيم، واسأل في بيتِ يهوذا عن رجل من طرسوس اسمه شاوُل. وهوَ الآن يصلّي فيرى في الرؤيا رجلاً اسمه حنانيا يدخل ويضع يديه عليه فيُبصر". فأجابه حنانيا: "يا ربّ، أخبرَني كثيرٌ من الناس كم أساءَ هذا الرجل إلى قدّيسيك في أورشليم. وهو هنا الآن وله سلطة من رؤساء الكهنة أن يعتقل كلّ مَن يدعو باسمكَ". فقال له الربّ إذهب، لأنّي أخترته رسولاً لي يحمل اسمي الى الأمم والملوك وبني اسرائيل، وسأريه كم يجب أن يتحمّل من الآلام في سبيل اسمي و ذهب حنانيا، ودخل البيت ووضع يده على شاوُل وقال: "يا أخي شاوُل، أرسلني إليكَ الربّ يسوع الذي ظهر لكَ وأنتَ في الطريق التي جئتَ منها، حتى يعود البصر إليك وتمتليء من الروح القدس". فتساقطَ من عينيه ما يشبه القشور، وعاد البصر إليه، فقام وتعمّد. ثم أكل فعادت إليه قواه وأقام شاوُل بضعة أيام مع التلاميذ في دمشق، ثمّ سارَعَ إلى التبشير في المجامع بأن يسوع هوَ ابنُ الله...".
حدث شاوُل حدثٌ مهمٌّ في حياة الكنيسة، كنيسة الأضطهاد وكنيسة الازدهار.
اطار التحول بحياة شاوُل هوَ اطار الكنيسة التي تواجه الآلام ولكن التي تزدهر بقلب المواجهة.
نرى شاوُل يوافق على قتل استفانوس، ونحن نعرف ان استفانوس هو الأول بين الشمامسة وهو صورة للمسيح الخادم، كلمة شماس تعني الخادم، أي هو صورة عن المسيح الخادم. وال "دياكونية" الخادم، والكنيسة هي الخادمة على مثال المسيح.
شاوُل مضطهد خادم المسيح أي مضطهد المسيح.
شاوُل يوافق على قتل استفانوس. وبدأت كنيسة أورشليم تعاني اضطهاداً.
ونتيجة هذا الإضطهاد: تشتّت المسيحييّن، وهذا الشتاب مهمّ، هو مسألة جوهريّة في بداية رسالة الكنيسة. تشتَّتَ المسيحيّون ما عدا الرسل بقيوا مجموعين، وهذا التشتّت ليس انقساماً، وجماعة الرسل المتحدّة هي ضمانة واستمراريّة لرسالة الكنيسة بالرغم من الاضطهاد الذي كانت تواجهه.
شاوُل هوَ مساهم أساسي في مشروع هدم الكنيسة. كان يسعى الى خراب الكنيسة، الهيكل، إلى هدم الكنيسة، يذهب من بيتٍ إلى بيت، يُخرج منه الرجال والنساء ويلقيهم في السجن، والمسيحيون المشتتون ينتقلون من مكان الى آخر. هذا الشتات عاشه المسيحيون ببعد تبشيري. الله يتدخّل بقلب الاضطهاد، والصعوبة كانت فرصة للتبشير بكلام الإنجيل مكان حلولهم. الله يستخدم الاضطهاد والشتات لنشر الكلمة. نرى تحوّل شاوُل مربوطاً بإطار الكنيسة. حضورها هوَ حضور يساعد هذه المجتمعات الوثنية واليهوديّة لأن تتحوّل وتعيش خبرة هذا التحوّل.
في السامرة، يذكرالنص، أنّه تتم شفاءات ويعم في المدينة فرح عظيم. تحوّل يطال المجتمعات والأشخاص، وهذا التحوّل يتم بواسطة الرسل وكل أبناء الكنيسة ولليوم ما زال هذا التحوّل يتم بواسطة ابناء الكنيسة. الله هوَ الذي يحقق هذا التحوّل لكن عبر الرسل والمؤمنين.
هكذا الله يعمل من خلال الإطار البشريّ، من خلال الناس. مدينة السامرة تتحوّل، تنال الشفاءات منَ الأرواح النجسة، وسمعان الساحر الذي مارس السحر ايضاً يتحوّل... أراد بالأول شراء موهبة الروح القدس لعمل العجائب مثل يوحنا وبطرس، كان يبتغي الشهرة. هذا السمعان ايضاً تحوّل من خلال كرازة يوحنا وبطرس له، عاد وتحوّل، لا يذكره النص ولكن يخال لي، تاب إلى الربّ، تحوّل من ظلمة الجهل إلى نور الحقيقة واختار نور الربّ يسوع بدل ظلمة المال.
وزير ملكة الحبشة الذي التقى فيليبّس، ومن خلاله هناك تحوّل لأمّة. فيليبّس يبشّر الوزير ومن خلال ارتداد الوزير تحوّل شعب بكامله. هذه ارقام وهذه لم تبطل ما زالت مستمرّة، ولكن اليوم بالألفيّة الثالثة نعي أهميتها. الدعوة مفتوحة، موجّهة للكل، وشخص واحد ربّنا يستعمله ونحن بعيلة مار شربل شهود على ذلك. جاء الوزير إلى أورشليم، مدينة لقاء الكلّ فيليبّس يشهد له عن المسيح الذي حقق النبوءات، وهكذا اظهر للوزير حقيقة المسيح، فاعترف هذا المسؤول المدني بأن يسوع هذا هوَ ابنُ الله واعتمد، ومضى في طريقه فرحاً... تدخّل في حياة أشخاص، يتم التحوّل، والثمار، النتيجة، فرحٌ عظيم. إذاً تحوّل يطال الأشخاص والمدن والمجتمعات، ويطال شاوُل، وأكيد يطالنا نحن في كلّ لحظة. يطال شاوُل مباشرة ويقلب الأمور رأساً على عقب، ويغيّر المقاييس والمنطق. بأعمال الفصل 9 وصف رائع لهذا التحوّل:
"شاوُل ينفث صدرهُ تهديداً". لهذا هوَ كان واضحٌ بفكره وعقيدته ومقتنع، يمارس هذه المهمّة بوعي وتقنيّة، ويطلب رسائل إلى مجامع دمشق ليعتقل الرجال والنساء. يتوجّه إلى دمشق لأنّه برمج أنه إذا اعتقل التلاميذ هناك يكون قد وضع حدّاً للانتشار المسيحي بكل المنطقة. كان هدفه بسرعة إلى دمشق، لأنّه من هناك كان خطر الإنتشار في كلّ المنطقة إلى الشرق الأقصى والغرب.
إذاً "بينما هوَ يقترب من دمشق،
سطع حوله بغتةً نورٌ من السماء،
مشهد رائع جداً، بغتة، تدخّل الله يخلق حالة من النور، هذا النور هو الفرح، هو الاستنارة من أنوار السماء، من نعم الملكوت. تدخّل الله يُحدِث صدمةً ويهز الكيان البشري والإنساني.
فوقعَ إلى الأرض،
وقع شاوُل إلى الأرض. تدخّلَ الله في تاريخ هذا الإنسان بالذات، احدَثَ تحوّل "وقع إلى الأرض"، تجرّدَ من كلّ موقف سابق، من كلّ تصميم سابق، من كلّ برنامجه. سقطَ إلى الأرض، عاد إلى الأرض، عادَ إلى التراب، ليعود ويولد الولادة الجديدة. نزل إلى الأرض بصفته الإنسان المُضطهِد، بصفته صاحب المنطق والغيور على عقيدته وعقيدة أهل بيته، سقَطَ إلى الأرض ليقومَ إنسان آخر، فلا تحوّل بدون هذه الهزّة، ولا تحوّل بدون هذه السقطة إلى الأرض، ولا تحوّل بدون اختبار الإخلاء. إذاً لا يمكن أن يتحقق تحوّل حقيقيّ بدون هذه السقطة إلى الأرض، بدون هذا الإمّحاء، بدون هذه العودة إلى الذات وإفراغ الذات، عندها أصبح جاهزاً لأسمع صوت الله، و....
وسمِعَ صوتاً يقول له: "شاوُل، شاوُل، لماذا تضطهدني؟"
سَمِعَ ومعناه عميق، حالة السماع، أي أنّه الآن توصّلَ شاوُل لأن يسمع. سماع الصوت وهو الفرّيسي، الغارق بالشريعة، وهو المعلّم لهذه الشريعة، كان يعلَم ويعلّم، لكنّه لم يسمع قط الصوت. والآن في أعماقه صوت يسوع المخلّص لأنّه تحرّر من سماع صوته الشخصيّ وآرائه وفلسفته وعلمه. "عددتُ كلّ شيء كالذبل لأربح المسيح". سمِعَ الصوت بفضل النعمة وبفضل تجاوبه مع هذه النعمة، "شاوُل شاوُل لماذا تضطهدني؟" سمّاه باسمه وعرّفه على اسمه، ليُعطيه اسماً جديداً، يسوع يشير لاسمه من خلال الكنيسة التي يضطهدها شاوُل، ارتداد شاوُل لا نفصله عن مشروع الكنيسة. شاوُل والكنيسة. المسيح هوَ رأس الكنيسة وهي المدعوّة أن تلاقي مصير ما لاقى هوَ. لماذا تضطهدني؟... شاوُل دُعيَ كي يلاقي المصير عينه، الطاعة حتى الموت، والموت على الصليب... دخَلَ في هذا المصير، دُعيَ شاوُل كي يشترك بنعمة المسيح، كشف له وبطريقة مميّزة عن ذاته، اختبار فيه تجلّي، فيه ظهور إلهيّ. المسيح الحيّ ظهر لهذا الإنسان. إنجيل القيامة. مشروع التجلّي...
فقال شاوُل: "مَن أنتَ، يا ربًّ؟"
فأجابهُ الصوتُ: "أنا يسوعُ الذي أنتَ تضطهدُهُ. صعبٌ عليكَ أن تقاومني".
أنا يسوع، أنا هوَ الذي أنتَ تضطهده. أجاب بولس...
فقال وهوَ مرتعب خائفُ: "يا ربُّ، ماذا تريد أن اعمل؟"
ماذا تُريد أن أعمل، رائع جدّاً... دون تفكير، دون تردّد، لا جدل، لا شكّ، لا نقاش، لا تراجع ولا عودة الى الماضي، بل بداية جديدة أساسها القيامة، أول كلمة قالها يسوع "قم"...
فقال له الربُّ: "قم وادخل المدينة، وهناك يُقال لكَ ما يجب أن تعمَل".
"قم"، أساس لقيامة الحياة الجديدة ومقوماتها الكنيسة، "قم"، ادخل الى المدينة، أي قم وادخل إلى الكنيسة. وهناك يُقال لك ما يجب أن تعمل. حياة جديدة تنطلق من القيامة وتنمو في الكنيسة، هناك يُقال لكَ، أي الكنيسة تقول لكَ ما يجب أن تعمل. هذه أُسس لنا بإيماننا بمسيرتنا المسيحيّة الإنسانيّة التي أساسها القيامة ونموّها الكنيسة. هل نحن مستعدّين لقبول الأسس، ولا نهرب من بعض الأشياء، نفهم ان الكنيسة والمسيح مرتبطين ببعضهم البعض. أساسنا القيامة ونموّنا في الكنيسة وبتوجيه الكنيسة، هنا تحقّق مشروع التحوّل.
إذا الحياة الجديدة تنطلق من اختبار شخصيّ بالمسيح الحيّ. والكنيسة هي التي تقول لنا ما يجب علينا أن نفعل. اختبار شاوُل هو تحديد واضح وتعريف صريح بكنيسة المسيح  ودورها ورسالتها، فمن خلالها وبواسطتها تتفاعل نعمة يسوع بحياتنا. نِعَم كثيرة بقلب كنيسة المسيح. وهنا نرى كم أن الأسرار حاملة نعم خلاص إلى العالم.
وأمّا رفاق شاوُل فوقفوا حائرين يسمعون الصوتَ ولا يشاهدون أحداً.
فنهضَ شاوُل عن الأرض وفتح عينيه وهوَ لا يبصرُ شيئاً.
نهض عن الأرض وفتح عينيه ولكن هو لا يبصر شيئاً، لأنّه سوف يبصر نوراً جديداً، بعد اختبار القبر المظلم...
فقادوه بيده إلى دمشق.
فبقيَ ثلاثة أيامٍ مكفوف البصر لا يأكل ولا يشربُ.
"بقيَ ثلاثة أيام" مكفوف البصر، وُضِعَ في قبر، عاشَ الاختبار في ملئه. عاش تدبير الابن كلّه. مرّ فيه كلّه. مرّ بالمراحل التي مرّ فيها السيد، عاش اختبار الموت والدفن والقبر والقيامة. والكنيسة تواصل ما بدأه يسوع والنتيجة : حنانيا، كنيسة دمشق...
"إذهب... لأنّي أخترته رسولاً لي يحمل اسمي الى الأمم والملوك وبني اسرائيل، وسأريه كم يجب أن يتحمّل من الآلام في سبيل اسمي...".
اخترته رسولاً، يسوع يحمل نداؤه ويمنح نِعَمَه الى الناس عبرَ الكنيسة، ولا بدّ من اختبار صدمة، ساعة خاصة في حياة كلّ إنسان وهزّة، إنّها علامة تدخّل الله القويّ في اختبارنا البشريّ. تدخّل الله يتّم ويتواصل عبر الكنيسة، التي ترسم لنا طريقة الولادة الجديدة والتحوّل اليومي.
كلّنا التقينا المسيح، عشنا اختبار، ولكن لا بدّ من هزّة. كلّنا دخلنا كمعمّدين في مشروع المسيح، هو اختارنا ونحن لبّينا، ولكن لا بدّ من هزّة...
لقاء شخصي، يسوع يرسل الكنيسة، وطبعاً نحن رسل، ونحن يجب أن نعي أنّ كلّ معمّد هو رسول باختيار من الله. "إذهب" هذه الكلمة التي وُجّهت إلى حنانيا، موجّهة إلى كلّ واحد منّا. يسوع يختار، النعمة الإلهيّة تختار، هذا فعل وضع اليد على كاهن، تختار، هذه دعوة إلى القداسة. الدعوة المسيحيّة هي الإختيار العام والشامل، ومنها تأتي دعوات التكرّس في الكهنوت والتكرس في الحياة الرهبانيّة، والتكرّس في العيلة المسيحيّة هوَ من أجل بناء حضارة الملكوت على الأرض. حان الوقت ليعي كلّ معمّد أنّه رسول. حقيقة واضحة لكنّنا نهرب منها في بعض الأحيان وننسبها إلى فئة معيّنة من أبناء الكنيسة... "أنا ارسلتهم الى العالم كما ارسلتني الى العالم" (يوحنا 17، 18). شتات المسيحيين بسبب الاضطهاد جعلهم يبشّرون بكلمة الإنجيل، شتات المسيحيين بسبب الانقسام هو شتات آخر... ولكن الشتات الأول يولّد وحدة، الشتات الثاني بسبب الإنقسام والكبرياء، يعطّل بشارة الإنجيل ويكون علامة شك للعالم ولا نستحق أن نُدعى رسلاً. نحن دُعينا رسلاً لتحقيق الوحدة التي هيَ مشروع كلّ معمّد. تحقيق الوحدة مع الذات ومع الأخوة لكي يحقق الروح في الكنيسة الوحدة بطريقة شاملة.
أهميّة بولس أنّه حمل الإسم إلى الكل، كلّ الحضارات والثقافات، وهنا عظمة هذا الرسول الذي حمل البشارة الى جميع الناس، حقّق إرادة يسوع الذي أتى إلى الكل ليربح الكلّ، وخلاصه يطال كلّ إنسان. تحوّل شاوُل هوَ تحوّل من الفئويّة إلى الشموليّة، من الضيق إلى وسع الصليب.
أخيراً "ذهب حنانيا، ودخل البيت ووضع يده على شاوُل وقال: "يا أخي شاوُل، أرسلني إليكَ الربّ يسوع الذي ظهر لكَ وأنتَ في الطريق التي جئتَ منها، حتى يعود البصر إليك وتمتليء من الروح القدس". فتساقطَ من عينيه ما يشبه القشور، وعاد البصر إليه، فقام وتعمّد. ثم أكل فعادت إليه قواه". (أع.17-19).
معموديّة، افخارستيا، تحقق وتعطينا قوّة الله. ثم سارع إلى التبشير أن يسوع هو ابن الله.
هذا تحوّل شاوُل، لكن هذا أيضاً تحوُّلنا جميعاً.
تحوّل علينا أن نعيشه بعمق وصدق، من حالة الإنسان الذي يهدم، ويخرّب كنيسة المسيح، إلى إنسان يساهم في بناء الهيكل الروحي، حتى يكون كلّ واحد منّا حجراً حيّاً في هذه الكنيسة الفائقة الروعة والجمال.
آمين.