"العيلة 2" مع ريمون ناضر, تموز 2014

عائلة تتحادث

كنت قد طلبت منكم تمرينين للشهر الماضي، بعض التحديات التي تواجه العيلة، وعملية غسل الأرجل لبعضكم البعض.
أشكر الله على الذين اختبروا عملية غسل الأرجل، ولِي لوم على الذين لم ينفّذوا. 
كثيرون لم يعملوا ما طلبت، وخسروا هذا الإختبار الرائع. يسوع غسل أرجل تلاميذه، وهو يَعلَم جيدّاً ما يَعمَل. وأنتم الملتزمون في العيلة هل أنتم أفضل من يسوع؟ إن كنتم لا تقدرون على الإنحناء على من تعيشون معه، لا تتكلمون بَعد عن المسيح. المسيح ليس نظريّات ولا شِعر نتغنّى به، المسيح تواضَعَ وأطاع، إنحنى وغسَلَ أرجل حتى مَن خانه. وأنتَ الخاطئ تتكبّر على مَن تُحبّ؟ على شريكك، على مَن تعيش معه في نفس المنزل؟ هل كبرياءك لا يسمح لكَ؟
يسوع يعلّمنا كيف نتخطى ذاتنا. نحن بدون يسوع جبلة تراب، ولنتحول إلى نور يجب أن نَدَع نور الربّ يدخلنا ويغيّرنا. نحن نعيش المسيح ولا نتكلم عنه.
يسوع بنى كنيسته على الرسل الإثني عشر أولاً، وأساسات هذه الكنيسة هي التواضع. إذّاً قبل أن نبني علينا أن نهدم الكبرياء، لأنه إن بنينا على الكبرياء الذي هو من الشيطان سيَقَع البناء. مع الكبرياء يضيع مفهوم المحبة والتواضع والطاعة. لا جماعة في العالم تُبنى على كبرياء الأشخاص. 
إله الكون سلّم نفسه للبشر، عذبوه، عرّوه، جلدوه وصلبوه وقتلوه... وكل ما يطلبه منك اليوم هو الإنحناء على إخوتك، أهلك، أحبّاءك ولا تستطيع عمل هذا؟ فأنت مقيّد لا تستطيع التقدّم في حياتك الروحية، لن تذهب الى أبعد. تخطّى جروحاتك وصعابك، إختبر يسوع، تحرّك، وقُم إعمل ما عمل يسوع. أدخل الى نفسك، فتّش على الكبرياء الذي يمنعك، إبني الجسور المكسّرة، واستمر في المحاولات إلى آخر يوم في حياتك. صلاة وإقدام.
هذا هو الميزان لتعرف أين أنتَ. هذا إمتحان الحياة. حان الوقت لتطبّق ما تعلمته وتطبّق بفعالية وجديّة وعيش المسيحيّة كما يجب.
الجسم البشري مصنوع من خلايا، خلايا تولد وأخرى تموت. والخلية هي الوحدة الأساسية بجسم الإنسان، الخلية الخارجة عن الجسم البشري هي سرطان والله نزل في قلب خلية عادية لكي يقدّس كلّ الجسم. سمّاها الخميرة الملح النور، العيلة إذاً هي خلية يخلقهما الجسم.
الكنيسة هي التي تخلق العيلة والعيلة هي التي تكوّن الكنيسة وكلّ عيلة هي خلية بقلب الجسم الذي هو جسد يسوع السرّي. 
كل عيلة جديدة هي خلية جديدة تُولدها الكنيسة. وهنا أو تكون هذه العيلة خلية سرطانية تُميت الجسم
أو تأخد مكانها في الجسم وتساهم في نموه. 
وفي قلب كل خلية صعوبات وخيرات، كل خليّة تتأثر بالجسم وكل الجسم يتأثّر بالخليّة. اليوم عائلاتنا تتعرض لهجومات لتشويه الجسم. أمام كل هذه الصعوبات هناك طبعًا حلول. 
في حالات كثيرة يتزوج شخصان دون إستعداد، أو دون وعي لمفهوم العيلة. وهذا يخلق مشاكل. وفي مسيرتنا نواجه صعوبات لم نكن نتوقعها.
العيلة هي صورة عن الله في البشرية، كل ديناميكية الثالوث يجب أن تكون في العيلة. وكلّما بعدت تشوّهت الصورة. ديناميكية الثالوث قائمة على المحبة والشراكة.
أولًا نحن كأفراد على كل واحدٍ منّا أن يعرف نفسه. ويبدأ من الإقرار بأنه إنسان خاطئ. هذا أوّل دواء ضدّ الكبرياء. أنا ناقص، أنا ضعيف. أجلس مع نفسي أبحث في داخلي، أرى حجم ضعفي وخطيئتي، وأقرّ واعترف، وأعتبر كل الآخرين أفضل مني كما يقول القديس بولس. هذه أول خطوة لبناء شراكة حقيقية في العيلة. 
لا تنظر إلى خطيئة الآخر بل انظر الى خطيئتك. فالإنسان ليهرب من خطيئته يضوّي على خطيئة الآخر. وهذا يسبب مشاكل وخلافات، فيرى الشخص خطيئة وضعف شريكه ولا ينظر إلى ضعفه.
وهنا عندما أقرّ بضعفي وخطيئتي، أبدأ بالسير في عمليّة الشفاء. لا أريد أن أبقى كما أنا.
وأكبر فرح يعيشه الانسان هو فرح الشفاء. إن كنتَ غارقاً في خطيئة في وجعٍ ما وتخلّصتَ منه تختبر أكبر فرح. وفي المقابل ممكن أن يغرقني كبريائي في جراحي وخطاياي، وأنتقل من جرح إلى آخر، من وجع إلى آخر، أغرق وأُغرِق عائلتي التي يجب أن تكون مكان الشفاء.
في العيلة إذاً، أنا أو أكون سبب شفاء لشريكي، أو سبب تدمير. إن كنتُ أحمل المسيح، كنتُ سبب شفاء وبلسم للجراح، وليس سيفاً يعمل لزيادة الجراح برمي الإتهامات والتذكير بالخطايا في كل وقت.

الزوجان شخصان مجرواحان يسيران معًا مسيرة شفاء من الجروح، وهذا يصير بالمحادثة والحوار. محادثة الله اولاً، بالصلاة معًا، ثم مع بعضهما البعض.
يفتح كل منهما جراحهما للآخر، حتى ولو لم تكن معروفة لهما من قبل. هناك أمور كثيرة تُكتشف. فالإنسان هو تراكم خبرات، أحداث حياته هي التي صنعته. يتساعد الشريكان للشفاء من الأحداث التي هدمتهم. المحادثة بصُدق وشفافية، كشف أعماق القلوب تبني وتحارب الكبرياء وتبدأ بعملية الشفاء. 
نرى هذه الجراح، نضوّي عليها ومع يسوع نزرع بها جمالاً. فالأرض، لتنبت فيها الزروع تُشَقّ أولاً وتبذر البذار. تُقَصّ، تُجرح. لكن مع الربّ جراحنا تزهّر وتشفى. وجراحنا لتزهّر هي بحاجة لجرح مزَهّر وهو جرح يسوع. يسوع يدخل في جراحي ويشفيني.
القديس شربل تجرّح كثيراً منذ صغرة، منذ وفاة والده، لكنّه بنعمة عرف أين يضع جراحه. سلّمها لمريم منذ طفولته وهي قادته إلى الربّ يسوع. وتحوّل اليوم الى نعمة وبركة ينقل جراح البشرية الى الربّ ليشفيها.
إذًا مسيرة شفائنا لا تتم بلحظة، هي مسيرة طويلة، مسيرة فرح وشفاء كل يوم من فرح لفرح. وهذا لا يصير بالكبرياء والتحديات بل بالإصرار على الشفاء. الحوار دواء في العائلات. عند كلّ نزاع أقِف وأسأل نفسي، أين دوري، عند كلّ خطيئة تصدر عن أي فرد من عائلتي، أقِف وأفتش في ذاتي أين دوري. في العائلة نستمد من الثالوث الأقدس نعمة الشراكة والمحبة. 
العائلة وفي مسيرتها ستتعرض لجراح أخرى لا نتوقعها، لكن فلنتعلّم ونتمرّن على مفهوم التضحية، الذي يضيع. في أيامنا صار كلّ شيء بمقابل. لكن الحياة المسيحية أساسها التضحية. أساسها يسوع، هو بذل كل شيء لأجلنا. ونحن أيضًا فلنتعلّم أن نعطي دون حساب، من حياتنا، من وقتنا، مالنا، حضورنا، إمكاناتنا وكل ما أُعطينا من مواهب. نزرع فرحاً، نمتلئ من يسوع فنفيض ممّا عنده.
اليوم لنعود ونضوّي على هذه المفاهيم ونعيدها إلى بيوتنا، عطاء مجاني في عيلتي ثم إلى محيطي.

عمليًا: كل مَن لم يقم بعد بعملية غسل الأرجل فليعملها هذا الشهر ويختبر.
ولهذا الشهر: تمرينان. أرجو أن تقوموا بهما بجديّة وصُدق.
كل زوجين، أو لغير المتزوجين مع أي شخص مقرّب، الجلوس جلسة صلاة ومصارحة. تبدأ، بالصلاة معًا واستدعاء الروح القدس. ثم افتحوا آذانكم، صفّوا قلوبكم، وكلّ واحد يكشف للآخر كل ما يزعجه ولا يحبه في الآخر. ونتقبل كل شيء. شفافية وصدق. ونلتزم بوعد أن نتساعد لكي نتخلّص من كل هذه الأمور. نُساعد بعضنا بعضاً بفرح وسلام. أمام يسوع نتكلم. وإن واجهنا أمورًا صعبة علينا أن نلتجيء إلى مَن يساعدنا في حلّها. ونختم اللقاء بتعداد الميزات والأمور الجميلة التي يراها كل واحد بالآخر. نضوّي عليها ونشكر الله. ونتمرّن لكي نرى دائماً الأمور الجيّدة، لأنه عند المشكلة لا يعود المرء يرى إلا سيّئات الآخر.  نعمل مسيرة لنكبر ونُشفى. 
لا أحد مسؤول وحده عن جراحه، فلا نحمّل الآخر كلّ المسؤولية ولا نثقّل عليه. وهذا جمال العائلة، هي مكان الراحة والشفاء، هي مكان يسند كلّ واحد الآخر، هي مكان تجسّد يسوع على أرضنا.
كل تجسّد يسوع على ارضنا هو لأجل شفاءنا من خطايانا.

من الإختبارات: العيلة هي الأساس بمشروع الرّب وكلّ قوى الشّر موجّهة كلّ شرّها لتدمير العيلة. لأنها بتعرف إنّو بتدمير العيلة بتزعزع أساسات مشروع ألله.