"أعيدوا النّظر بأولويّاتكم" مع ريمون ناضر – آذار 2015

Scale-of-Priorities

"نضَع عادةً في حياتنا سلّمًا لأولويّاتنا، نحاول الإلتزام به، ولكن غالبًا نحيد عنه ونعدّله مرارًا وتكرارًا تبعًا لإنشغالاتنا في هذا العالم الصاخب، المتحرّك بسرعة. وكثيرًا ما نضيع بين المهمّ والأهمّ، فنرى حياتنا تسير على غير ما نرغب، ولا نحصد الثمار المرجوّة.

والخطورة الكبرى هي أن تمضي حياتنا دون أن نكون قد أنجزنا الأهمّ، بسبب أشياء أقلّ أهميّة وربّما غير مهمّة على الإطلاق.

فكيف نُرتّب سلّم أولويّاتنا؟ وما هي الأولويّات؟ وكيف نعمل للإلتزام بها وتحقيقها بحسب أهميّتها؟

أهمّ شيء في الحياة هو أن نعرف ما هو أهمّ شيء في الحياة.

ينطلق تحديد سلمّ أولويّاتنا من رغباتنا. فرغباتنا هي التي تحدّد أولويّاتنا، ثمّ أولويّاتنا تحدّد خياراتنا ومن ثمّ خياراتنا تحدّد أعمالنا.

فما نفعله هو في النتيجة ما نحصد نتائجه مهما كانت رغباتنا وأولوياتنا وخياراتنا.

المهمّ الثمار: "من ثمارهم تعرفونهم". وفي هذه الأيام، كلّنا مشغولون بأمور كثيرة، ولكن ليس المهمّ كمْ نحنُ مشغولون ولكن بماذا نحنُ مشغولون، وما هي ثمارنا؟

وإذا انطلقنا من مبدأ أنّ رغباتنا هي التي تحدّد مسار أولويّاتنا وخياراتنا وأعمالنا، وإذا أردنا أن نعطي أعمالنا ثمارًا تُرضي الله، فيجب أن تكون رغباتنا هي رغبات الله.

لذلكَ يبدأ تحديد سلّم الأولويّات تبعًا لتناغم رغباتنا مع رغبات الله، أي فكرنا مع فكر الله ومشيئتنا مع مشيئة الله. ونضع على أساس هذا السلّم الأهمّ في الطليعة ويأتي بعده الأقل أهميّة، ونتخلّى عن الغير مهمّ.

كما يقول مار بولس في كورنتس الأولى "12-15"، "فإننا نبني بأعمالنا ذهبًا، فضّة، حجارة كريمة، خشبًا، عشبًا، قشًّا..." وستمتحن النار عمل كلّ واحد ما هو؟." فيجب أن نحدّد أولويّاتنا الزمنيّة، وأولويّاتنا الأبديّة بشكل أن لا تؤدّي أولويّاتنا الزمنيّة إلى خسارة أولويّاتنا الأبديّة، فنكون كَمَن يبني بخشب وقشّ وعشب. فلنضع في رأس سلّم أولويّاتنا الأولويّات الأبديّة، أي الله، وما يتطلّبه مشروع قداستنا، ثمّ على أساسه، نبني سلّم أولويّاتنا الزمنيّة. "كمَن يبكّل أزرار قميصه": إذا كان الزرّ الأول في مكانه، تترتّب جميع الأزرار الباقية، وإلاّ تخربطت جميعها."

أمامنا في تحديد أولويّاتنا ثلاث خيارات أساسيّة:

  1. أن نسلك الطريق الذي تسلكه الأكثريّة، فنتبنّى سلّم أولويّات هذا العالم ونعطيه الأفضليّة في حياتنا، وهذا هو الباب الواسع.
  2. أن نسلك في هذا العالم بطريقة خاصّة تُرضي رغباتنا وطموحاتنا، حتى لو تناقضت مع مسلك الأكثريّة.
  3. أن نتلمّس مشيئة الله في حياتنا ونسعى إلى تحقيق هذه المشيئة، سالكين بحسب رغبات الله، مستثمرين المواهب والوزنات التي خصّنا بها.

طبقًا لهذه الخيارات نحدّد سلّم أولوياتنا ونلتزم به ونتحمّل مسؤوليات نتائجه التي ستكون ثمار أعمالنا وغلال عمرنا وحياتنا. يبقى العدو الكبير والعائق الأساسي الذي يجب أن نتجنّبه في تحديد سلّم أولوياتنا هو اللامبالاة والميوعة أو الدلع "الهرءة".

إنّ اللامبالاة تجعل العائلة البشريّة تتفكّك فيغرق كلّ إنسان في وضعه الخاص ويحصر كلّ إهتمامه بذاته فيبعُد عن أخيه الإنسان، ويصبح كلّ سلّم أولويّاته أنانيًا، فرديّا، شخصيًّا، إنتفاعيًا، مصلحة ذاتية، وينتج عن ذلك نقص لا بل إنعدام بثمار المحبّة.

وإن الميوعة والدلع "الهرءة" تجعلنا نخلق دائمًا التبريرات والأعذار لتقصيرنا، ولخطايانا فتُبعدنا عن تحقيق أولويّات حياتنا وتجعلنا نغرق في متاهات هذا العالم دون أي مقاومة.

لتحديد سلّم أولويّاتنا وتطبيقه بإستمرار، يجب علينا أن نقوم بما يلي:

  1. قراءة حياة يوميّة، أسبوعيّة، شهريّة وسنويّة.
  2. المحافظة على الأمور الجيّدة والتخلّي عن السلبيات والعادات السيّئة وتضييع الوقت.
  3. إعادة إكتشاف مواهبنا وقدراتنا الداخليّة والشكر عليها.
  4. تنظيف المشاعر السلبيّة من قلوبنا: خوف، قلق، غضب، حقد، حسد.
  5. تحديد الأهداف والخطوات لتحقيقها، بتواضع وتجنّب للمثالية.
  6. ترتيب دائم للبيئة والمحيط الذي نعيش فيه.
  7. الإحتفال بالنجاح وكذلك الإحتفال بالفشل.

مراجع للقراءة والتأمل:

  1. 1تيموتاوس 6/ 11-19  
  2. 1قورنتس 3/13-15  
  3. لوقا 12/ 32-35 
  4. متى 7/ 13 -27   
  5. روما 12  
  6. الجامعة 2  
  7. لوقا 14/16-24

من الإختبارات:
"علّي إنت بنيانك بحكمة: إبنِ على أساس المسيح، الصخرة الأساسية لكلّ بنيانك اللي بتحمل كلّ مداميكك. حطّ حجارك الكبيرة عند الأساس، وحجارتك الأصغر فوق."

صلاة:
أشْرِقْ، يا ربُّ، بِوجهِكَ في قُلوبِنا وضَمائِرِنا، فَنَسيرَ على وَهْجِ أنوارِكَ، في هذا الصِيامِ المُبارَك، ونَصنَعَ مَشيئَتَكَ، ونَحسُنَ في عينيك بِتَصَرُّفاتِنا، إلى يَومِ نلقاكَ بالفَرَحِ والحبور، فنُنشِدَ لَكَ مَع المَلائِكة والقِدّيسين الأبرار ولأبيكَ وروحِكَ القُدوس، إلى الأبد. آمين.