القديسان بطرس وبولس

 

 القديس بطرس:بطرس فهو سمعان بن يونا وهو اخو اندراوس. ولد في بيت صيدا في الجليل وكانت مهنته صيد السمك. ولما جاء به اخوه اندراوس الى يسوع ابتدره الربّ قائلاً: "انتَ تدعى، من الآن، كيفَا اي الصخرة". ثم دعاه يسوع ثانية واخاه قائلاً: اتبعاني فأجعلكما صيّادي الناس. وللوقت تركا الشباك وتبعاه. وبعد هذه الدعوة الثانية لازم بطرس يسوع ولم يفارقه الى النهاية.
ولما اعلن السيد المسيح جسده مأكلاً حقيقياً، ودمه مشرباً حقيقياً، مُشيراً بذلكَ إلى سرّ القربان الأقدس، استصعب الرسل كلامه ورجعوا الى الوراء، فقال لهم: ألعلّكم انتم ايضاً تريدون ان تمضوا؟ فأجاب سمعان بطرس: إلى مَن ندهب يا ربّ وكلام الحياة الأبديّة عندك؟.
سأل بطرس معلّمه: كم مرّة اغفر لأخي، يومياً، إذا خطئ إليَّ، أإلى سبح مرّات؟ أجابه يسوع: "لا اقول لك سبع مرّات، بل سبعين مرّة سبع مرّات". وهذا تبيان للضعف البشري الصادر من الإنسان، وواجب ان نغفر دائماً ما زالت نيته سليمة صافية.
وكم كان متحمّساً للدفاع عن معلّمه عندما اعلن يسوع عن كيفيّة ميتته، فقال له سمعان بطرس: انّي مستعدّ أن امضي معك إلى السجن وحتى إلى الموت. فقال له يسوع: "ان الروح مستعد وأمّا الجسد فضعيف. وستنكرني ليلة آلامي ثلاث مرّات قبل صياح الديك مرتين. وهكذا كان. ولكن عاد بطرس فندم على خطيئته بذرف الدموع مدّة حياته كلّها.
ومَن يتصفّح النصوص الواردة في العهد الجديد، يتَضح له جلياً ان بطرس هو اول من تبع المسيح واعترف به. وكان اميناً لأسراره وقد رافقه في جميع مراحل حياته. وقد جعله الربّ زعيماً للرسل ورئيساً على كنيسته...
وبدأ غير هيّاب، بالتبشير في السامرة، وطاف مدن سواحل فلسطين ولبنان، وعمّد كرنيليوس القائد برؤيا عجيبة مؤثرة جداً. وهو من خرج من اأورشليم، قبل الرسل.
وبعد صعود الربّ، بشّر بطرس في فلسطين وفينيقية وآسية خمس سنوات، ثم أقام كرسية سنة 44 للميلاد. ثم عاد إلى اورشليم في السنة نفسها، فألقاه هيرودس اغريبا في السجن وخلّصه ملاك الربّ. فاستأنفَ التبشير، وعقد المجمع الأول مع الرسل وكتب رسالته الأولى. ثم رجع إلى روما حيث اسقط سيمون الساحر من الجو واخزاه هو وخداعه، وكان سيمون عزيزاً على نيرون الملك. غضب الملك على بطرس، فأخد يترقّبه وبوحي إلهي عرف بدنو اجله، فكتب رسالته الثانية.
وما لبث ان قبض نيرون عليه وسجنه، ثم امر بصلبه، ولعمق تواضعه، أبى ان يُصلب إلاّ منكّساً.
وقد اثبت القدّيسون: ديونيسيوس وايريناوس واوسابيوس وايرونيموس، كما تبيّن ايضاً من ألاثار التاريخيّة المكتشفة حديثاً في رومة. ان بطرس دهب إلى روما بالاتفاق مع بولس. وبعد ان اسس كنيستها استشهد في عهد نيرون عام 67. صلاته معنا.

القديس بولس
امّا الرسول العظيم بولس الذي جنّ بمحبّة المسيح، فبعد ان كان اشدّ مضطهد للكنيسة، قد حمل لواء الإنجيل عالياً وطاف به العالم مقتحماً الأخطار، برّاً وبحراً، لا يهاب الموت في سبيل مَن بذلَ نفسه لأجله. فكان آية عصره وسيبقى على الأجيال، بأعماله الجبّارة ورسائله الرائعة أسطع دليل على مفعول النعمة الإلهية في ارض الارادة الجيدة.
ولد شاول في مدينة طرسوس، نحو السنة العاشرة للميلاد، من ابوين يهوديين اصلهما من الجليل. درس الفلسفة والفقة على العالم الشهير جملائيل في اورشليم. ودُعي فيما بعد بولس.
كان يمقت ويضطهد كل مَن يخالف شريعة آبائه. لذلك ساهم في رجم اسطفانوس رفيقه اول الشهداء. وكان يلاحق المسيحيين ويسوقهم إلى السجون.
وفيما هو ماضٍ إلى دمشق في هذه المهمّة، إذا نور من السماء قد سطع حوله فسقط على الأرض وسمع هاتفاً يقول له: "شاول، شاول، لمَ تضطهدُني؟". فقال : "مَن انتَ، يا سيدّي؟". قال "أنا يسوع الذي انتَ تضطهده. فقم وادخل المدينة، فيقال لكَ ما يجب عليك ان تفعل". فنهض شاول عن الأرض ولم يكن يبصر شيئاً، وعيناه مفتوحتان. فاقتادوه بيده وادخلوه دمشق. فلبث ثلاثة ايام، مكفوف البصر، لا يأكل ولا يشرب (اعمال 9/ 1-10).
وارسل إليه الربّ تلميذاً اسمه حنَنيا فوضع عليه يديه فأبصر واعتمد. وكان اهتداؤه العجيب سنة 35 للميلاد. وما لبث ان أخذ يكرز في المجامع بأن يسوع هو ابن الله. فتآمرَ اليهود على قتله. ولكنه نجا بسعي المؤمنين. وعاد إلى أورشليم واتصل بالرسل. وراح يبشر في الهيكل بجرأة. فصمم اليهود على قتله. ولكنّه سافر إلى طرسوس وطنِه مارّاً بسوريا وكيليكيا بصحبة برنابا ويوحنا مرقس. وفي قبرص آمن على يده الوالي سرجيوس بولس واعتمد هو وأهل بيته.
واستأنف البشارة... وعاد إلى انطاكية حيث مكث أياماً وانطلق منها يصحبه سيلا ولوقا إلى آسيا الصغرى وكيليكية وليكاونية وغلاطية وتراوس وسائر بلاد اليونان. واستصحب تيموتاوس الذي اقامه فيما بعد اسقفاً على افسس. وفي آثينا قام خطيباً أمام فلاسفتها في الاريوباغوس، فردّ كثيرين إلى الإيمان ومنهم ديونيسيوس الاريوباغي.
ثم عاد الى اورشليم حيث مكث سنتين، ثم جال مدن آسيا الصغرى وجاء الى كورنتس حيث تراءى له الربّ وشجعه واجرى على يده آيات باهرة. وطاف في غلاطية وفريجية، يثبت التلاميذ في الإيمان، حتى وصل الى افسس، حيث اقام ثلاث سنوات يبشّر ويعمّد باسم يسوع المسيح، عاملاً بيده لكسب معاشه.
وسار يبشّر في جزر الروم، حتى بلغ صور وعكا وقيصرية. وحاول الأخوة ان يمنعوه من الصعود الى اورشليم، ملحّين عليه بالدموع، فقال لهم: ما بالكم تبكون وتكسرون قلبي: اني مستعد، لا للوثاق فقط بل للموت ايضاً في اورشليم لاجل اسم الربّ يسوع. (اعمال 21/ 7-13).
هناك حاول اليهود قتله فمنعهم قائد الجند. وخاطب الشعب باللغة العبرانية مبيناً عن اهتدائه. فصرخوا قائلين: ارفعه، اصلبه، فإرضاءً لهم اراد الوالي ان يجلده، فاعترض بولس بأنه ذو جنسية رومانية. وارسله قائد الألف الى الوالي في قيصرية، مركز الولاية الرومانية حيث مكث اسيراً سنتين. ولكان الملك اغريبا اطلق سراحه لو لم يكن رفع دعواه الى قيصر.
فاقلع بولس مع اسرى آخرين الى روما بصحبة لوقا رفيقة الأمين واسترخوس المكدوني. وبعد النظر الى دعواه، لم يجد القضاة ما يوجب الحكم عليه، فأخليَ سبيله. فأقام في روما سنتين يبشّر بالإنجيل. ثم عاد يبشّر ايضاً في جزيرة كريت ويزور كنائس آسيا وتراودا وكورنتس. ويقال انه مضى الى اسبانيا مجتازاً فرنسا، ثم رجع الى روما فقبض عليه نيرون وألقاه في السجن، وحكم بقطع رأسه كما حكم على بطرس الرسول بالصلب. وكان ذلك سنة 67 للميلاد.
اما رسائله الرائعة وعددها اربع عشرة رسالة، فهي آية في البلاغة وتحفة الآثار الكتابية في الكنيسة.
صلاتُهُ معنا. آمين.

عن السنكسار بحسب طقس الكنيسة الإنطاكية المارونية

صلاة للقديسين بطرس وبولس:
أيها الرسولان القديسان بطرس وبولس،
انني اختاركما، اليوم وإلى الأبد، محاميين خاصّين.
وأني اجسر، مع حقارتي، ان افرح مع كليكما:
معك، يا مار بطرس هامة الرسل، لأنّك الصخرة التي اسس الله عليها كنيسته.
ومعك، يا مار بولس، لأن الله انتخبك إناءً مختاراً،
ومبشّراً بالحق في المسكونة كلّها.
فأرجو منكما ان تلتمسا لي إيماناً حياً، ورجاءً ثابتاً،
ومحبّة كاملة، وتجرّداً كلياً عن ذاتي، وازدراء للعالم، وصبراً في الضيقات،
واتضاعاً في الأفراح، وانتباهاً في الصلاة، واستقامة في الأعمال،
واجتهاداً في اتمام واجبات حالتي، وثباتاً في المقاصد،
وتسليماً لارادة الله، وثباتاً في النعمة حتى الممات،
حتى إذا انتصرت بواسطة شفاعتكما واستحقاقاتكما المجيدة
على تجارب العالم والشيطان والجسد،
اؤهَّل لأن احضر امام راعي النفوس السامي الأبدي، يسوع المسيح،
الذي يحيا ويملك مع الآب والروح القدس،
فاتنعّم معكما بمشاهدته ومحبّته إلى الأبد.
آمين.