مريم العذراء - الاب ميشال اليان

Virgin-Mary

كلمة الاب ميشال اليان

عائلة مار شربل – عنايا

عيد البشارة 2022

يحتفل المسيحيون حول العالم بعيد البشارة في 25 آذار كل عام، أي قبل تسعة أشهر تماماً من 25 كانون الأول موعد الاحتفال بميلاد يسوع المسيح. وهذا العيد كان يعتبر حسب الكنيسة الأولى أولى الأعياد أو نبع الأعياد لانه أول حدث علني لتحقيق الوعد بمشيحا (عمانوئيل/ الله معنا) وهذا الحدث الذي سمعناه بانجيل اليوم (لوقا 1/26-38)، وذُكر بالقرآن في الآية 45 من سورة آل عمران وأصبح تقليدا لبنانيا سنويا نجتمع فيه مع أخوتنا المسلمين للصلاة والتأمل ببشارة أمنا مريم العذراء. وهذا العيد يعزّز الحوار الأخوي بين الأديان وهذا دليل بأن مريم العذراء تجمع.

ويعلمنا الكتاب المقدس أن مريم قد استقبلت كلمة الحياة وحبلت بها لأنّ حياتها بأسرها كانت موجّهة إلى الله. في مريم العذراء نرى صورة التلميذ الذي لا يُكثر الكلام ولا يطلب الرب بشفاهه وحسب وإنما يبني بيته على صخرة أمانة الله. (دعوة العيلة: مدرسة صلاة وتلمذه للمسيح وجذرية عيش للانجيل في قلب العيلة والرعية المجتمع...)

في هذا اليوم المبارك جئنا لنكرّم والدة الله الكلية القداسة مريم العذراء (التي تتوسط جماعتنا) ونلتزم أمامها بتجديد مسيرة التتلمذ لابنها يسوع من خلال تصرفات توبة وارتداد، مقدّمين شهادة إيمان. جئنا بحثًا عن العظمة التي تميّزت فيها عذراء الناصرة مريم الكلية القداسة أي لكي نسمح لله أن يقودنا الى حيث يشاء والإصغاء والتسليم الكامل لكلمته. (راجع الاختبار السابع بآخره للاخ ريمون ناضر: تمرس بالصمت، الصمت المُصغي الحيّ البعيد عن سكون العدم. تمرس بالصمت، اندعك بالمحبة تخمّر بالقداسة. اصغ تتسمع، تواضع تتفهم، آمن وتشجّع تتشهد، وحبّ تتقدّس).

"هَا أَنا أَمَةُ الرَبّ، فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَوْلِكَ!": مريم قبلت الدخول في مدرسة سيّد المستحيل، وصارت المعلمّة لنا في الإيمان وفي التتلمذ. صارت مريم تلميذة ابنها منذ حلوله في حشاها، ودرسها الأوّل كان: "لا تخافي"، فالله يحقّق في حياتك المستحيل، لقد اختارك ونقّاك منذ خلقك، لتكوني هيكل الله الطاهر يحلّ فيكي ليفدي البشر ويسكن بيننا.

مريم تعلّمنا الشجاعة في الإيمان، وعدم الخوف من حضور الله في حياتنا، فهو الّذي يحرّرنا، ويقدّسنا، ويجعلنا آنية مقدّسة تحلّ فيها نِعَم روحه القدوس.

مريم تعلمّنا الصمت والتأمّل لنسعى الى سماع الله يتكلّم هامساً في قلوبنا ويكشف لنا عن إرادته، إرادة قدّوسة تصبح دعوتنا في الحياة، فلا نخاف أن نقول "لست أفهم بالكامل، ولكنّي أثق، وأجعل نفسي في خدمة إرادتك".

مريم تعلّمنا قبول نعمة الحياة فينا، ففيها تجسّد ابن الله وصار جنيناً. مريم لم تجهض مخطّط الله الخلاصي وقد صار جنيناً في حشاها، بل قبلت هذه الإرادة وجعلت ذاتها في خدمتها. وكم نجهض نحن ارادة الله في حياتنا كلّ يوم، ونختار مخطّطاتنا الشخصيّة؟ كم من أهل يجهضون في أولادهم دعوة الله لهم، حين يرفضون أن يستجيب ولدهم لدعوة الله له؟

في هذا كلّه مريم تصبح معلمّة لنا في الإيمان، في التواضع، في الطاعة وفي شجاعة الاستجابة، لنعلم أنّنا بمعموديّتنا دخلنا مدرسة إله المستحيل، وأن حياتنا مُلكه، نضعها في خدمة أنجيله أينما كنّا، لنعلن كلّ يوم للّذين نلتقيهم أن الله هو العمّانوئيل، الله معنا، وهو لا يتركنا.

بالنظر إلى مريم وطلب شفاعتها يبقى لنا السؤال حول قدرتنا في الإصغاء بصمت لكلمة الرب، والرغبة الصادقة في البحث عن مشيئته وليس عن تحقيقنا الذاتي، وحول الصخرة التي ينبغي علينا أن نضع أرجلنا عليها لكي نسير قدمًا واثقين على درب الخلاص.

معايدة: غبطة ابينا       البطريرك / عائلة مار شربل/ رهبان الدير/ وكل من يحمل اسم بشارة ومشتقاته

المشاركة مع رغبة قداسة البابا فرنسيس بتكريس روسيا وأوكرانيا لقلب مريم الطاهر.

الصلاة من أجل السلام: في العالم/ روسيا وأوكرانيا/ الشرق الأوسط وخاصة لبنان/ وخاصة السلام الداخلي