الجراد

Array

من كتاب شربل سكران بالله

قبل اختراع الوسائل الحديثة في مكافحة الجراد، كان آفة الزرع الكبرى في الشرق الأوسط. فهذه الدوبيات النهمة كانت تأتي من الجنوب اسراباً كثيفة، يعقب مرورها قحطٌ في لبنان! لم تكن تترك، حيث تقع، عشباً ولا ورقاً ولا قشراً على شجر. ألم تكن هي إحدى الضربات المنزلة بفرعون على زمان موسى؟ بلادنا لا تزال تذكر، بألم شديد، مأساة المجاعة التي ازكاها مرور هذه الدوبيات الرعناء أبان حرب 1914 – 1918، تلك المأساة التي زادها هولاً جور الأتراك وجعلها تودي بحياة نحو نصف مليون لبناني جوعاً!...

قال حبيس ميفوق، الأب سمعان الأهمجي، في الأب شربل وحادثة الجراد:
"عام 1885، دهمت اسراب من الجراد، تكاد تحجب الشمس، حقول عنايا والقرى المجاورة. كان لا بدّ من ان تتلف جميع الزروع والأغراس. في غمرة هذا الخطر المحدق، امر الرئيس الأب شربل بأن يبارك ماء ويرش به الحقول.

صدع الحبيس بالأمر: فكل حقل رُشّ بالماء نجا من فتك الجراد. ومن ثم هرع اهالي اهمج الى عنايا يطلبون ماء باركه الحبيس، ورشوا به حقولهم فسلمت هي ايضاً من الضرر. وحينما آن وقت الحصاد، قدم نحو مئة شخص من قرية اهمج وحصدوا زرع الدير مجاناً، عرفاناً بالجميل."

من جميع القرى المجاورة، كان الفلاحون يتهافتون متوردين ماءً مباركاً من صومعة شربل. كان لهذا الماء فاعلية طرد الفئران، والجرذان، والحشرات السامة والضارة بدود الحرير، او بمستودعات المؤن.

يدٌ ترتفع بالبركة على كأس ماء فتتفجر ذراته طاقاتٍ خيّرات معجزات، ذلك مفعول "كيمياء" القداسة. هلاّ يرعوي مفجرو الذرات، مدركين فاعلية روح الله في الكائنات؟