عَقيدَةُ انْتِقالِ العذْراء: شَهادَةُ آباءِ الكَنيسَة

The Assumption of the Blessed Virgin Mary

 قِراءَةٌ مِنَ البابا بِيُّوسَ الثَّاني عَشَر (+ 1958)

انَّ القِدّيسَ يوحَنَّا الدِّمَشْقي، الَّذي امْتازَ عَنْ غَيْرِهِ بالكَلامِ عَنْ هذِهِ الحَقيقَةِ التَّقليدِيَّة، عندَما قابَلَ انْتِقالَ العَذراءِ بالجَسَدِ مَعَ سائِرِ امْتِيازاتِها، قالَ بِبَلاغَةٍ فَائِقَة: "كانَ يَنْبَغي لِمَنْ سَلِمَتْ بَكارَتُها في الوِلادَة، أنْ يَسْلَمَ جَسَدُها مِنَ الفَسادِ بَعدَ المَوت، وَلِمَنْ حَمَلَتِ الخالِقَ جَنِيناً في بَطْنِها، أَنْ تُحْمَلَ إلى الهَياكِلِ الالهيَّة، ولِمَنْ كانَتْ عَروساً لِلآب، أَنْ تُقيمَ في الأَخْدارِ السَّماوِيَّة. كانَ يَنبَغي لِمَنْ شَاهَدَتْ وَحِيدَها على الصَّليب، فَجازَ قلْبَها سَيْفٌ مِنَ الأَلَمِ سَلِمَتْ مِنْهُ في الوَضْع، أَنْ تَتَأَمَّلَهُ جالِساً عَنْ يَمينِ الآب. كانَ يَنبَغي لأُمِّ اللهِ أَنْ تَمْلُكَ كُلَّ ما هوَ لابْنِها، وَأَنْ يُكَرِّمَها كُلُّ مَخْلوقٍ كأُمِّ اللهِ وَأَمَتِه".

ولِصَوْتِ الدِّمَشْقِيِّ أَصْدآءٌ بَيْنَ أَصواتِ سائِرِ الآباء، تُعلِنُ العَقِيدَةَ عَيْنَها. فَفي مَواعِظِ الآباءِ سابِقِيهِ أَوْ مُعاصِرِيه، بِمُناسَبَةِ العِيدِ عَيْنِه، أَقوالٌ لَيسَتْ دُونَ أَقوالِهِ صَراحَةً أَوْ دِقَّة. وعَلَى سَبيلِ المَثَل، نَذْكُرُ القِدِّيسَ جِرْمانوسَ القِسطَنْطِينيِّ الذي كانَ يَرى أَنَّ حِفْظَ جَسَدِ البَتولِ مِنَ الفَسادِ ونَقْلَهُ إلى السَّماء، يَنْسَجِمُ مَعَ أُمومَتِها الإلهيَّةِ وبالأَخَصِّ مَعَ قَداسَة هذا الجَسَدِ البَتولِيّ: "كُلُّكِ جَميلَة، كما كُتِب، وجَسَدُكِ قَداسَةٌ وطُهْرٌ ومَسْكِنٌ للرَّبّ. فلَيسَ بالتَّالي قابِلاً لِلفَساد، وسَيَبْقَى بَشَرِيّاً غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ في الحَياةِ غَيْر الفاسِدَة، حَيّاً مُمَجَّداً قَبْلَ الأَوان، سَليماً ومُتَمَتِّعاً بالحَياةِ الكامِلَة". ونَذكُرُ كاتِباً آخرَ قَديماً جِدّاً قال: بِمَا أَنَّها أُمُّ المَسيحِ الله مُخَلِّصِنا، مانِحِ الحَياةِ والخُلود، فانَّها تَحْيا بِجَسَدِها إلى الأَبَد، بِقُوَّةِ مَنْ أَقامَها مِنَ القَبْرِ ونَقَلَها إليه، كما يَعلَمُ هوَ وَحدَهُ".
(الدستور الرسولي)