العمل الرسولي

Hermitage

كان النسّاك والحبساء، يهتمّون اهتماماً شديداً بهداية الشعب إلى نور الإنجيل، ويمكن القول أنّهم هم الذين اقتلعوا جذور الوثنيّة من أراضي الشرق، بما كان لهم من تأثير عميق في نفوس الشعب. وقد أظهروا شجاعة كبرى في الحوادث الأليمة. كتب القديس الذهبيّ الفم انّ الحكماء الوثنيّين تركوا أنطاكية في أيام فتنة 387 واختبأوا في البريّة، في حين أن النسّاك تركوا البريّة ليشاركوا الشعب في محنته. وروى ثيودورطس في الفصل الرابع عشر من كتابه أنّ الناسك مايسيماس دافع عن حقوق الفلاحين وقاوم ظلم أحد ملاّكي الأرض، فآلِ به الأمر إلى تبديل معاملته لهم. وكان أهل الريف يُقبلون على النسّاك والحبساء لكي يتلقّوا منهم النصح والإرشاد. خدم النسّاك والحبساء الله وخدموا الشعب، ومهّدوا الطريق لقيام الحياة الرهبانيّة المشتركة، فازدهرت ازدهاراً عجيباً. وكان تفاعل مستمرّ بين حياة النسك وحياة الترهّب الجماعي. فعندما كان الراهب الذي يحيا في جماعة يقتفي مزيداً من الحياة التأمليّة، كان ينتقل إلى عمود أو إلى برج أو إلى صومعة تابعة للدير، فكان يتلقّى من إخوانه الرهبان المساعدة الروحيّة والماديّة. وكان هو بنمط عيشه، يذكّي في قلوبهم الشوق إلى التفكُّر ومناجاة الله.

(من كتاب أبطال الله النساك والحبساء في الشرق الأدنى)