البيضة

 تُعتبر البيضة رمزاً كونيّاً درجت على استعماله الحضارات المختلفة؛ وإنَّ ولادة العالم من بيضة لَهِيَ فكرة مشتركة بين الشعوب السلتيَّة واليونانيّة والمصريّة والفينيقيّة والكنعانيّة والتيبتيّة والهندوسيّة واليابانيّة والفيتناميّة والصينيّة والسيبيريّة والأندونيسيّة وغيرهم.

وهي تحتوي على بزرة تنوُّع الكائنات، إذ فيها قسمان ظاهران بوضوح، الأبيض والأصفر، اللذان يعبِّران عن الثنائيّة الموجودة في كلّ شيء. وتمثّل البيضة، أيضاً، مبدأي المذكّر والمؤنّث اللذين يكوِّنان كائناً أوَّليّاً. وللقشرة الخارجيّة رمزيّتها أيضاً؛ فهي قبّة السماء؛ والصفار هو الأرض، والبياض هو الأوقيانوس.

وتُعتبر البيضة، في الحضارات المصريّة والكلدانيّة والفارسيّة، رمزاً للازدهار، والحظ، والصحّة؛ وهي، أيضاً، رمز الحياة والخلود، وستظهر للعلن في يوم من الأيّام.

وعند اعتدال الربيع، أي في بدء السنة الجديدة آنذاك، كان الأصدقاء يتبادلون فيما بينهم البيض المزيَّن. فالبيضة هي رمز لسرّ الحياة والخصوبة، ويُنتَظر دائماً خروج كائن جديد منها. ولكي يحيا الصوص حياته الجديدة، عليه أن يكسر البيضة ويخرج منها؛ وعند ذاك لا يعد للبيضة وجود. وكانت البيضة أيضاً رمزاً للتجدّد قبل أن ترتبط، رمزيّاً، بقيامة يسوع المسيح.وكان الرومان القدماء، عند احتفالهم بعيد ميلاد الطبيعة، يقدِّمون مائة بيضة كذبيحة.

أمّا في التقليد اليهودي، فالبيضة هي المأكل الأوّل الذي يتمُّ تناوله بعد مراسم العزاء. وترمز إلى قساوة العبوديّة، وإلى الحزن، وإلى الحياة الغير المكتملة.

ومنذ بداية الكنيسة، درج المسيحيّون عموماً، وخصوصاً الكنائس الأرثوذكسيّة الروسيّة واليونانيّة والرومانيّة (رومانيا)، على أن يقدِّموا، صباح عيد الفصح، بيضة مزيّنة بالألوان الحمراء، رمزاً لقيامة المخلِّص. فالصوص، السجين في البيضة، يكسرها بنفسه ويفرُّ منها، رمزاً للمسيح الذي حطَّم أبواب الجحيم حيث كان أسير الموت.

وهكذا أصبح الخلود شعار البيضة، في عيد الفصح. وصارت هي رمزاً للفرح الفصحي يتناولها المؤمنون. وكان يتناولها طالب المعموديّة، فيما مضى، عند الانتهاء من صومه الأربعيني، الذي كان يصومه قبل عماده، ممتنعاً، في خلاله، عن أكل البيض. ومنذ القرن السادس، بات الامتناع عن أكل البيض يشمل جميع أبناء الكنيسة. وبالنطر إلى تراكم البيض في البيوت، درجت العادة على سلقه والاحتفاظ به لغاية انتهاء الصوم الكبير، وبعد دموع الجمعة العظيمة. فيوزَّع على المؤمنين، في صباح عيد الفصح، قبل الاحتفال الطقسي وبعده، وتتمُّ التحيّة بمفاقسة البيض قائلين: "المسيح قام"؛ ويكون الجواب: "حقّاً قام".

أمّا تلوين البيض وإهدائه في عيد الفصح، فهي عادة قديمة يرجع تاريخها إلى الفينيقيّين.

وفي بلجيكا، يفقسون البيض صباح يوم سبت النور.

وفي يوغوسلافيا يفسِّرون عمليّة المفاقسة بتآويل شتّى؛ فإذا كُسرت البيضتين معاً، فهذا دليل على الصداقة.

وفي بولونيا يقدِّمون للضيف بيضة مسلوقة شرط أن يكون نصفها من نصيبهم.

وفي بعض قرى فرنسا، يتراقص الحبيبان حول أكوام البيض، فإنْ سلمت من الكسر بارك الأهل زواجهما.