الشمــس

 الشمس، رمز القدرة الخالقة وهي كسائر النيّرات والكواكب والنجوم؛ إنّها توحي بعالم عجيب، وتسيطر على البشريّة محدّدة مصيرها، وتفرض على الأرض أنظمة دوريّة. وإنسان الشرق القديم عبدَ هذا الجانب الإلهيّ فيها طالباً رضاها.

ففي الميتولوجيا اليونانيّة، يظهر هيليوس، إله الشمس وعين الإله زفس، وراء أورانوس، إله السماء، وجوبيتر، رئيس الآلهة. فالشمس هي خليقة إله السماء، ترى كلّ شيء، وتعرف كلّ شيء. والشمس هي، في الهند Surya، أي عين الإله فارون (Varune)؛ وفي بلاد فارس، هي عين الإله أهورا مازدا؛ وفي مصر الفرعونيّة، هي عين الإله رع؛ وفي الإسلام، هي عين الله.

ليس على الشمس أن "تموت" لكي تنزل إلى الجحيم؛ لكنّها تصل إلى الأوقيانوس، أو إلى بحيرة المياه السفلى، وتجتازها بدون أن تذوب. وما يُشبه موتها يتضمّن فكرة قيامتها، بعكس القمر الذي يضطرّ أن ينحلّ ثلاثة أيّام كلّ شهر. لذا رأى الأقدمون في عبادة الشمس حماية وخلاصاً. وبالمقارنة فإنّ الشمس ترمز إلى القوّة الذكوريّة، بحكمتها وتفكيرها وإرادتها وحرارتها وحيويّتها، والقمر يرمز إلى القوّة الأنثويّة، بميزاته غير الناشطة، والمخيِّلة والشعور.

وإذا انتقلنا إلى العهد القديم، فإنّ هذه النيّرات لم تُعَدّ آلهة بل كائنات مخلوقة تأتمر بأمر الخالق. هو مَن عيّن لها وظيفة تنظيم الزمن وحكم النهار والليل (تك 1 : 15): "وتكون نيّرات في جلد السماء لتضيء على الأرض. فكان كذلك. فصنع الله النيّريَن العظيمين: النيّر الأكبر لحُكم النهار، والنيّر الأصغر لحُكم الليل والكواكب. وجعلها الله في جلد السماء لتضيء على الأرض، لتحكم على النهار والليل، وتَفصِل بين النور والظلام. ورأى الله أنّ ذلك حسن".

أمّا في العهد الجديد، وفي ظلّ الأمبراطوريّة الرومانيّة، احتلّ المسيح الذي لُقِّب بـ"الشمس التي لا تُقهر"، ونور العالم، مكان الإله مترا، إله الشمس ورمز القيامة. إنّه "رحمةٌ من حنان إلهنا" ينير سبيل العالم: "تلك رحمةٌ من حنان إلهنا، بها افتقَدَنا الشارقُ من العلى، فقد ظهر للمُقيمين في الظلمة وظلال الموت ليسدِّد خطانا لسبيل السلام" (لو 1 : 78 – 79).

المرجع: الرموز المسيحيّة للخوري ناصر الجميّل