الإكرام الحقيقي لمريم العذراء - مع الخوري شوقي كرم

 موضوع مع الخوري شوقي كرم – عيلة مار شربل

                                    الجمعة 24 أيار 2013 - عنّايا.    

 

مقدّمة: في كنيسة مريمية مثل الكنيسة المشرقية بشكل عام والكنيسة المارونية بشكل خاص، لسنا بحاجة أن ندعو ونحث على إكرام الطوباوية مريم العذراء، لأنه منتشر وعلامات انتشاره كثيرة, تبدأ من التماثيل المزروعة على الطرقات والحدائق وفي المنازل، إلى صورها وأيقوناتها التي تزين بيوتنا وكنائسنا، والمسابح التي نحملها في أعناقنا ونعلقها في سياراتنا ونرسمها على أجسادنا وسياراتنا، والجماعات الكثيرة المؤسسة على اسمها، ألخ. ولكن ما نحن بحاجة إليه بحق هو أن نميّز بحق أين يكمن الإكرام الحقيقي لمريم العذراء. وأول شيء يجدر بنا القيام به لتحقيق ذلك هو العودة إلى نص دستور عقائدي في الكنيسة الذي يخصص من الأعداد 60 حتى 96 للكلام عن العذراء الطوباوية والكنيسة.

 

1-              دعوة المجمع لإكرام الطوباوية مريم العذراء

يحث المجمع الفاتيكاني الثاني في دستور عقائدي في الكنيسة عدد 98 "كلّ أبناء الكنيسة أن يُعزِّزوا بسخاءٍ إكرامَ الطوباويةِ مريم لا سيما الليترجيّ منه"؛ تقدير كل تقوى نصحت بها السلطة التعليمية، وإحترام كل ما أقر حول إكرام صورها.

وفي نفس الوقت "يحثُّ بحرارةٍ اللاهوتيين والمبشرين أن يمتنعوا عن "كلِّ مغالاةٍ مضادةٍ للحقيقة، وعن قصرٍ في النظر غير مبرر، وعندما يتكلمون على كرامةِ أم الله الفريدة"، وفي بحوثهم العلمية الأمينة للكنيسة أن "يُظهروا بجلاءٍ دور الطوباوية العذراء وإنعاماتها الموجِهة دوماً إلى المسيح، ينبوع الحقيقة الكاملة، والقداسة والتقوى وليَحرصوا كلَّ الحرص، على أن يُبعدوا في كلامهم وأعمالهم، كلَّ ما من شأنه أن يقودَ إلى الضلال، في تعليم الكنيسة الحق، إخوتنا المنشقّين أو أي شخص آخر.

ويذكّر المؤمنين "أن الإكرامَ الحقَّ لا يقومُ أبداً بالعواطف العقيمة العابرة، ولا في سذاجةِ إيمانٍ فارغة، ولكنه ينبع من إيمانٍ حقيقي يقودنا إلى أن نفقه الكرامةَ السامية التي لأمِّ الله ويدفعنا إلى محبةِ أمِّنا حُباً بنوياً، ويحثنا على الإقتداء بفضائلها".

 

2-            إكرام مريم عن إيمان حقيقي

نحن لا نعبد مريم بل نكرّمها، لأن العبادة هي لله وحده، ولله الثالوث المحبة. ونحن لا نؤمن إلاً بالله لإن الإيمان يليق بالله وحده، ونؤمن بما يكشفه لنا ويدّلنا عليه ويريده منا. وهذا ما يؤكده نص المجمع الفاتيكاني الثاني في أول عبارة في كلامه عن مريم: " إنَّ وسيطَنا وحيدٌ وفقاً لكلمات الرسول القائل: "لأنَّ الله واحد، والوسيط بين الله والناس واحد، الإنسان، المسيح يسوع، الذي بَذل نفسه فداءً عن الجميع" (1 تيم 2 / 5 - 6)" (عدد 60).

وبالتالي، إن أي إكرام حقيقي لمريم لا يمكن ولا يجب أن يحوّل أي مؤمن أو يلهيه أو يبعده أو يمنعه عن محبّة الله بكل ما فيه ويحب كل شيء به ولاجله بما فيه محبة وإكرام مريم، الذي يجب أن يعزّز هذا الإيمان الخالص والمحبة الفائقة لله، لا أن يحجبه. وهذا أمر طبيعي خاصة بالنسبة لمريم لأننا لم نعرف مريم إلاّ بارتباطها بتدبير الله الخلاصي، وبالتالي كما يقول النص المجمعي المذكور أعلاه إن " لكنَّ دورَ مريم الأمومي نحو البشر لا يَحجُب ولا يُنقِص بشيءٍ وساطة المسيحِ الوحيدة هذه بل يُظهر قوَّتَها" (عدد 60).

لذلك هذه هي الأسس الإيمانية لأي إكرام صحيح وحقيقي لمريم العذراء:

-       إكرامها نابع عن رضى الآب الذي اختارها أمّا لابنه بالتجسد، فهي أمة الرب (عدد 60)، وهي حواء الجديدة التي أعطت المسيح للعالم، والأم العذراء والبتول التي ولدت المسيح مثال الكنيسة العذراء والبتول التي تولد أبناء لله بالمسيح (عدد 63-64).

-       إكرامها يصدر عن استحقاقات يسوع المسيح: هي أمّه الحبيبة التي وضعته في العالم وغذته وربته وخادمته الوديعة. وهي بإرادته شريكة سخية في عمله بصفة فريدة أبداً (عدد 61)

-       إكرامها يقوم على كونها أمّ بالروح والحق للمسيح، بإيمانها وحفظها لكلمته ورجائها ومحبتها الحارة بحسب قوله إن أمي وإخوتي هم الذين يعملون بمشيئة أبي الذي في السماوات.

-       إكرامها يقوم أيضاً على الدور الفريد الذي أعطاها إياه الإبن في جسده السري في الكنيسة، في الشعب الكهنوتي المتعدد المواهب والنعم، إنطلاقاً من عرس قانا إلى عرس الصليب إلى العنصرة. فقد قبل بشفاعتها لتحصل على النعمة الضرورية لعروسي قانا، وكرسها أمومتها للكنيسة وأمومة الكنيسة لها على الصليب بشخص يوحنا، فصارت كما تجلّت في العنصرة الأمالحامية، والمُعينة، والمساعدة، والشفيعة (عدد62)، التي تقودنا إلى المسيح: "إفعلوا ما يأمركم به".

-       إكرامها يقوم على أستمرارية هذا الدور بانتقالها إلى السماء نفساً وجسداً لتكون إلى جانب ابنها (عدد 67).

وهكذا يتجلّى دور مريم في مشاركتها الله في عمل خلاص أبنائها مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بابنه وبالتالي "لا ينتج عنه أيُّ نقصان أو زيادة في شرفِ المسيح الوسيط الأوحد وفعاليته". لأنه كما يقول النص المجمعي "بالفعل لا يمكن لخليقةٍ أبداً، أن تُوضع على قدم المساواة مع الكلمة المتأنِّس والمخلص"). وبالتالي فإكرامها يحمل "على أن الإبن يُعرَفُ بحقٍّ، ويُحَبُّ، ويُمَجَّدُ، وتُحفَظُ وصاياهُ عبر إكرامِ أمِّه، الإبن الذي لأجله خُلِقَ الجميع (كول 1 / 15 - 16)، ورضي الآب الأزلي أن يَحلَّ فيه الملء كله (كول 1 / 19) (عدد 66)."

 

3-     إكرام مريم يقوم على الإقتداء بفضائلها

إذا ما تطلعنا في مريم بنت أرضنا، خاصة في مسيرة إيمانها، لا يمكننا ألاً نصرخ مع أليصابات "طوبى لك يا مريم لأنك آمنت بما قيل لك من قبل الرب". وانضمامنا إلى جميع الأجيال التي تطوّب مريم، لا تقف حدوده عند إكرامها كأم الله وأم الكنيسة، بل يذهب إلى التطلع إليها في فضائلها الكثيرة كمثال للكنيسة ولأبنائها في حجهم على الأرض نحو السماء.

-     مثال في الصلاة: نحن نصلي مع مريم ومثل مريم

-     مثال في الإصغاء لكلمة الله.

-     مثال في التلمذة

-     مثال الخدمة

-     مثال في التواضع

-     مثال في الرجاء

-     مثال وشاهد حيّ على القيامة وتحقيق مواعيد القيامة بانتقالها إلى السماء نفساً وجسداً.

-     مثال في المحبة

فلا مغالاة إن قال القديس برنردوس من كان للعذراء ابناً لن يدركه الهلاك أبداً.

آمين.