كونوا مستعدّين

"كونوا مستعدّين"

الكردينال يوحنا هنري نِيومَن

أعطى ربّنا هذا التحذير عندما كان على وشك مغادرة هذا العالم، على الأقلّ مغادرته المنظورة. كان يتوقّع مئات السنين التي قد تمرّ بعد عودته. وكان يعرف تدبيره الخاص، تدبير أبيه: أن يترك تدريجيًّا العالم يعيش كما يريد، وأن يسحب تدريجيًّا ضمانات حضوره الرحيم. وكان يتوقّع النسيان الذي سيقع فيه بين تلاميذه أنفسهم... حالة العالم والكنيسة كما نراها اليوم، حيث غيابه الطويل أوهم أنّه لن يعود أبدًا... في أيّامنا، يهمس برحمة في آذاننا ألاّ نثق بما نرى، وألاّ نشارك في عدم الإيمان العام، وألاّ ننقاد للعالم، "بل أن نسهر ونصلّي" (لو21: 36) وأن ننتظر مجيئه. إنّ ذلك التنبيه الرحيم يجب ألاّ ننساه، لأنّه دقيق ومهيب ومُلحّ. كان الربّ قد توقّع مجيئه الأوّل، ومع ذلك فإنّه فاجأ حين أتى. سيأتي بوجه أشدّ فجائيّة في المرّة الثانية، وسيدهش الناس. ذلك بأنّه لم يقل في هذه المرّة متى يكون ذلك، بل ترك سَهَرنا في حراسة الإيمان والمحبّة... ذلك بأنّه علينا، لا أن نؤمن فقط، بل أن نسهر. ولا أن نحب فقط، بل أن نسهر. ولا أن نطيع فقط، بل أن نسهر. لماذا نسهر؟ انتظارًا للحدث العظيم الذي هو مجيء المسيح. يبدو أنّ هناك واجب خاصّ يُعطى لنا، فلا يكفي أن نؤمن ونخاف ونحبّ ونطيع، بل يجب أن نسهر، وأن نسهر للمسيح ومعه.