الســمكة

 هي رمز للخصب والحياة والسعادة، وأحياناً للحكمة. ورافق رمز السمكة الشعوب الساميَّة منذ البدايات، ويردُّها بعض العلماء إلى أسطورة هنديّة خلَّصت "مانو"، أوّل إنسان (آدم)، الإله براهما أو فيشنو (Vichnou).

أمّا عند الأشوريّين، فكانت السمكة رمزاً لإبن الخالق الذي كان رأسه رأس إنسان، وجسمه جسم سمكة (=آنو). ولمّا دخل إلى عالم الإنسان ضحَّى بجسمه كسمكة، وأتى لكي يخلِّص الإنسان من الشرّ.

وعند الفرس، السمكة مؤلَّهة إذ تعيش حيث لا يستطيع الإنسان العيش، وإن أتت إلى عالم الإنسان تموت.

وفي الفنّ اليهوديّ كانت السمكة رمزاً للقيامة وللماء الحيّ. وسيستمرّ الرمز مع السيّد المسيح والرسل وسيرافق نشأة الكنيسة. الرسم الأوّل للسمكة، الموجود في روما، يعود تاريخه إلى العام 192-193؛ هناك جدرانيّة للسمكة موجودة في مقبرة بريسكيلا، وأخرى في مقبرة القدّيس كاليستوس، في روما. فالسمكة ترمز إلى المسيح الذي توزِّعه الكنيسة في المناولة؛ وترمز، أيضاً، إلى المتنصِّرين الجدد، وإلى المؤمن المسيحيّ، بشكل عام.

وفي اليونانيّة تعني "إيكتوس" Ikhthus، إذ يشير كلّ حرف منها إلى كلمة ترتبط بيسوع المسيح وتعني: "يسوع المسيح ابن الله المخلِّص".

ولقد شبَّه آباء الكنيسة المعمَّدين الجدد بأسماك يولدون بالإيمان في مياه جرن المعموديّة. وفي هذا المجال كتب ترتوليانوس: "إنّنا سمك صغير أشبه بسمكتنا الكبيرة يسوع المسيح؛ وُلدنا في الماء بالعموديّة ولن يكون خلاصنا إلاّ ببقائنا داخل الماء".

في العام 1883، عُثر على بلاطة ضريح محفوظة في متحف اللاتران كُتب عليها ما يلي: "موطني مدينة أسيلة الشرف. لقد شيَّدتُ هذا الضريح، أمّا اسمي فإيفرتيوس. إنّي تلميذ لراعٍ طاهر يرعى قطعانه من النعاج في الهضاب والسهول، وله عينان كبيرتان لا يخفى عنهما شيء. فهو الذي علّمني الكتب الأمينة، وهو الذي أرسلني إلى روما لأرى المدينة المالكة والملك المتشح بثياب من ذهب والمحتذي بحذاء من ذهب. رأيتهما شعباً يحمل ختماً لامعاً، وحيثما ذهبتُ كان الإيمان قائدي، وهو الذي كان يقدّم لي، أينما حللت، سمكة من تبعة، سمكة كبيرة نقيَّة فاضتها عذراء نقيَّة؛ وكانت دوماً تعطيها مأكلاً للأصدقاء، ولديها أيضاً خمرة لذيذة تعطيها مع الخبز. فليصلِّ الأخ الذي يفهم ذلك لأجل إيفرتيوس".

ومن الطبيعي أن تظهر السمكة في الفن الإيقونوغرافي في مشاهد كتابيّة كالخلق، وصيد السمك، ويونان، وطوبيَّا، وتكثير الخبز والسمكتين، والصيد العجائبي... فإذا ظهرت وحدها فترمز إلى يسوع المسيح أو إلى المعموديّة. وإذا كانت على صينيَّة أو بالقرب من سلَّة الخبز فترمز إلى الإفخارستيَّا. وإذا ظهرت السمكة وعلى ظهرها سفينة فهي ترمز إلى المسيح وإلى كنيسته. والسمكات الثلاث ترمز إلى الثالوث...

والسمكة على جرن المعموديّة وثياب الكاهن ترمز، أيضاً، إلى المسيح.

على كلّ حال، ترمز السمكة إلى الرجاء عندما ترافق المرساة التي بشكل صليب.